قال تعالى : إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم (البقرة 119)
وقال تعالى : ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق ... (البقرة 176)
وقال تعالى : وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون (الأنعام 73)
وقال تعالى : ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون (الأنفال 8)
إلى آخر الآيات ...
الحق : ماهو الحق ... لنضرب مثلا بسيطا ولله المثل الأعلى ... هناك عالم كيمياء لديه سائل شفاف في أنبوب وسائل شفاف آخر في أنبوب آخر، وهو يعلم أنه إذا أضاف هذا السائل إلى ذلك السائل يتكون لديه مركب جديد لونه أحمر مثلا يعلم خواصه تماما. فالله سبحانه وتعالى خلق الكون وهو يعلم قوانينه تماما لأنه هو الذي وضعها سبحانه فإذا فعل فعلا معينا من أخلاط الطبيعة التي خلقها سينتج عنه شيء جديد يعلم صفاته تماما، وإذا فعل فعلا آخر من أخلاط الطبيعة نتج لديه شيء آخر له صفات أخرى. فالله سبحانه وتعالى أراد أن يظهر جميع أسرار الكون الخافية وراء عدم إجتماع الأخلاط في شكل كائنات ومعاني وهذه المعاني هي الحق بعينه. فمثلا أراد الله تحقيق معنى الحق في معنى عظيم وهو الظلم فخلق لذلك الإنس والجن والشياطين ليقوموا بأداء هذا المعنى المخفي في طيات طبيعة الكون الذي خلقه الله إبتداء، وهذا من الحق. ومعنى الأية "وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون (الأنعام 73)" أن الله خلق السموات والأرض لإظهار معان خفية في باطن طبيعة الكون الذي خلقه الله وهذا هو الحق. وهناك مثلا معان أخرى في خلق الإنس والجن والملائكة مثل الطاعة فهذا وجه من وجوه الحق الذي خلق من أجله الإنس والجن والملائكة، فالله سبحانه وتعالى يعمل من أخلاط الطبيعة التي طبع بها الكون أول ما خلقه ما يشاء لإظهار ما خفي منها، وهو يريد إظهار جميع المعاني الكامنة في خلقه سواء كانو إنس أو جن أو شياطين أو ملائكة أو أحجار أو أشجار أو حيوانات أو جراثيم أو نار أو طين أو أي عناصر أخرى. فالله سبحانه وتعالى حين خلق الكون أول مرة وضع فيه قوانين، فبتفاعل هذه القوانين ينتج من المعاني مالا يعلمه إلا الله، والله يريد إظهار جميع الإحتمالات بدون إستثناء. وقد تكرر لفظ الحق في القرآن الكريم كثيرا بعضها يظهر وجها واحدا من الحق مثال ذلك قوله تعالى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين)، فهذا وجه من أوجه الحق، وقوله تعالى (الحق من ربك فلا تكن من الممترين)، فالقرآن حق. ومعاني الحق لا تعد ولا تحصى ولا يعلمها إلا الله مثال ذلك الإيمان والكفر والطغيان والظلم والحب والبغض والخوف والرجاء والكبر والصغر والمرض والصحة والرؤية والعمى والنور والظلام والعلم والجهل ... الى آخره. ولنأخذ الإنسان فإن في خلقه يتحقق الكثير من أوجه الحق التي لاتظهر إلا بخلقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق