الخميس، 16 مايو 2019

ذنوب في الجنة

﴿مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتي وُعِدَ المُتَّقونَ فيها أَنهارٌ مِن ماءٍ غَيرِ آسِنٍ وَأَنهارٌ مِن لَبَنٍ لَم يَتَغَيَّر طَعمُهُ وَأَنهارٌ مِن خَمرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبينَ وَأَنهارٌ مِن عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُم فيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ "وَمَغفِرَةٌ مِن رَبِّهِم" كَمَن هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ وَسُقوا ماءً حَميمًا فَقَطَّعَ أَمعاءَهُم﴾ [محمد: ١٥]

ذنوب في الجنة؟ هل الذنب متأصل في خلقة الإنسان لا يذهب أبدا في الدنيا أو في النار أو في الجنة؟ الإنسان في الجنة يدخلها بلحمه ودمه كما كان في الدنيا فنفسيته فيها الكذب والبخل والشدة ... إلى آخره كل هذا المحتوى يبقى حتى في الجنة وهذه الأخلاق يتحرك بها في الجنة فلن يزال يرتكب الأخطاء فيغفرها الله تعالى له ... "ونزعنا مافي صدورهم من غل" هذا يدل على أن الغل والكمد كما هو ثم ينزع منه ليستمتع بالجنة ولكن لا يزال يذنب من الصغائر ... في أكثر من آية الله تعالى يأمر نبيه بالإستغفار وهذا نبي فأين ذنوبه وقد أبرزت سيرته للناس مكشوفة جلية نرى فيها أين ذنوبه فلم يفعل عليه السلام إلا خيرا، ولكن الله تعالى يأمرنا ويأمره بالإستغفار يدل على أن الإنسان يذنب حتى في نَفَسِه فذنوب أهل الجنة كذنوب النبي الكريم ... "يأْكلُ أَهلُ الجنَّةِ فيها ويشرَبونَ . ولا يتغوَّطونَ ولا يمتخِطون ولا يبولونَ ولكن طعامُهم ذاك جشاءٌ كرشحِ المسْكِ . يُلْهَمونَ التَّسبيحَ والحمدَ كما يُلْهَمونَ النَّفَسَ . قالَ وفي حديثِ حجَّاجٍ طعامُهُم ذاكَ . وفي روايةٍ : بمثلِهِ . غير أنَّهُ قالَ : ويلْهمونَ التَّسبيحَ والتكبيرَ ، كما يُلْهَمونَ النَّفَسَ .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2835
خلاصة حكم المحدث: صحيح" ... يلهمون التسبيح والتكبير فمن أين تأتي الذنوب؟
﴿اعلَموا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَكونُ حُطامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ وَمَغفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضوانٌ وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرورِ﴾ [الحديد: ٢٠].
حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الجزء: ٢٧ | الرحمن (٥٥)| الآية: ٧٢]
قال ابن كثير "ثم قال {حور مقصورات في الخيام}، وهناك قال: {فيهن قاصرات الطرف} ولا شك أن التي قد قصرت طرفها بنفسها أفضل ممن قُصِرت وإن كان الجميع مخدرات"، المعنى أن أهل الجنة يمشون في الجنة بأخلاقهم البشرية بدليل أن بعض نساء أهل الجنة لو تركن على هواهن قد يذنبن بالنظرة فيُقصرن ليس كالبعض الآخر قاصرات طروفهن ... يبدو أن أهل الدرجات الدنيا من الجنة هي التي بها الذنوب ... من يعمل ذنوب في الدنيا سيعمل ذنوب في الآخرة، أنظر حديث آخر الناس خروجا من النار ودخولا الجنة كيف يكذب لينتقل من مكان إلى مكان أقرب إلى الجنة وهو حديث صحيح ... ونظرا لأن أهل الجنة منعمون فلا حاجة عندهم للكذب والنفاق وسيء الأقوال والأعمال فذنوبهم بسيطة كذنوب الأنبياء "وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ [الجزء: ١٧ | الحج (٢٢)| الآية: ٢٤]"
الكافر في الدنيا كافر في الآخرة فكيف يدخل الجنة "﴿وَمَن كانَ في هذِهِ أَعمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمى وَأَضَلُّ سَبيلًا﴾ [الإسراء: ٧٢]" ... فلو دخل الكفار الجنة لارتكبوا فيها الكبائر لذلك بعد الأحقاب يفنون "َّ(لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا) [النبأ: 23]".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق