الاثنين، 20 مايو 2019

الباحثون عن الشبهات

﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِمّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُم مِنَ الجِبالِ أَكنانًا وَجَعَلَ لَكُم سَرابيلَ تَقيكُمُ الحَرَّ وَسَرابيلَ تَقيكُم بَأسَكُم كَذلِكَ يُتِمُّ نِعمَتَهُ عَلَيكُم لَعَلَّكُم تُسلِمونَ﴾ [النحل: ٨١]

حديث أنَّ النبيَّ غضب حين رأى مع عمرَ صحيفةً فيها شيءٌ من التَّوراةِ وقال : أوَفي شكٌّ أنتَ يا ابنَ الخطابِ ؟ ألم آتِ بها بيضاءَ نقِيَّةً ؟ لو كان أخي موسى حيًّا ما وسِعَه إلا اتِّباعي
الراوي : جابر بن عبدالله.
المحدث : الألباني.
المصدر : إرواء الغليل.
الصفحة أو الرقم: 1589.
خلاصة حكم المحدث : حسن.

جعل الله في الجبال أكنانا ليحتمي بها الناس من الريح والبرد والحر، فأيهما خير؟ من لديه كنن في جبل من صخر، أم من يقف في مهب الريح يحاول بناء عشة ضعيفة ليصد بها الريح ويبعد عن نفسه الحر والبرد، ذلك مثل الذي يعرض نفسه لريح الشبهات في دينه وليس لديه القدرة على ردها أو الدفع بها أن تتلبس بها نفسه فتفسدها وتترك فيها أثرا عميقا. هذا رسول الله عليه السلام يرى عمر بن الخطاب بين يديه صحيفة فيها شيء من التوراة يقرؤها فيغضب رسول الله عليه السلام ويقول لعمر "أوَفي شكٌّ أنتَ يا ابنَ الخطابِ ؟ ألم آتِ بها بيضاءَ نقِيَّةً ؟ لو كان أخي موسى حيًّا ما وسِعَه إلا اتِّباعي".

حسدا من عند أنفسهم

يقطِّعون الحبال الموصلة بين الله وعباده. الله تعالى يصل عباده بالرزق فيأتون ليقطعوا هذه الصلة والحبال الموصلة حسدا من عند أنفسهم مع أن لله تعالى معهم حبال موصلة للرزق ولكن هي نفوس مريضة تستحق السحق. والحمد لله رب العالمين.

ألفاظ القرآن تتغلغل

﴿لَو أَنزَلنا هذَا القُرآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيتَهُ خاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِن خَشيَةِ اللَّهِ وَتِلكَ الأَمثالُ نَضرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرونَ﴾ [الحشر: ٢١]

جبل من صخر لو أنزلت عليه ألفاظ القرآن لخشع وتصدع ... فالكلام هو الذي فيه السر فهو ليس مجرد كلام مرصوص، وهذا سر الرقية، كلام، وهو كلام مؤثر يتغلغل وينفي الخبث ويعيد للجسد أدائيته الطبيعية، كيف؟ لا نعلم، فهذا سر كلام الله فالكلمة داخل الآية لها أثر منهك للمرض فيزيله بعد تغلغلها فيه ويعيد الجسد لطبيعته بعد تهتك المرض، والسر يكون في نفس الكلمة وليس كالسحر لتشغيل الشياطين أو قوى الشر به ولكن الكلمة نفسها تؤثر في الروح فتتغلغل وتؤثر في الجسد والنفس، فسبحان الله العظيم.

فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ

﴿وَلَقَد نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدرٍ وَأَنتُم أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾ [آل عمران: ١٢٣]

الكلام ليس للصحابة، يطلب الله تعالى منهم شكر نعمة الإنتصار في بدر، ولكن الخطاب لأمة محمد جمعاء ولي ولَك يطلب منا جميعا شكر نعمة الإنتصار في بدر، فالأمة واحدة، وشكره يكون بتقواه، فالحمد لله رب العالمين.

الصدقة تكفر جميع الذنوب

﴿وَأَنفِقوا مِن ما رَزَقناكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ أَحَدَكُمُ المَوتُ فَيَقولَ رَبِّ لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾ [المنافقون: ١٠]

عند معاينة الموت، لا يرى المذنب لذنوبه جميعها كفارة بعد التوبة إلا الصدقة، هذا يعني أن الصدقة تكفر جميع الذنوب، فسبحان الله العظيم.

أَيُّكُم يَأتيني بِعَرشِها

﴿قالَ يا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُم يَأتيني بِعَرشِها قَبلَ أَن يَأتوني مُسلِمينَ﴾ [النمل: ٣٨]

أليست هذه سرقة ... لقد استباح سليمان أملاك وملك بلقيس مع أنهم أتوه مسلمين فقد أصبح ملكا عليها فأصبحت من أملاكه هو فهي ليست سرقة بعد ذلك.

الشكر يكون عند النعمة وهدوء النفس

الشكر يكون عند النعمة وهدوء النفس والتفكر في خلق الله بصفاء ذهن ولا يكون عند المصيبة والكدر وتشتت الفكر وإلا فإنه يكون كالإستهزاء، حين مات إبراهيم ابن النبي الكريم عليه السلام صبر النبي ولم يشكر ... هكذا طبيعة الأشياء الشكر عند النعمة والصبر عند الإبتلاء، الله تعالى يعطي ولا يعطي فقط بل يأخذ أيضا، فيجب الصبر على ما أخذ والحمد على ما أعطى، حين يمرض العبد يصبر على ألم المرض ويشكر الله على المنحة التي سيأتي بها الله له بهذا المرض كالحسنات والأجر العظيم، ولا يشكر على ألم المرض بل يصبر عليه، فيجب عدم الخلط. وقد يكون من الأفضل لبعض الناس إشغاله بالمشاكل عن معاصي الله تعالى بدلا من النعم التي تجعله يقع في معاصي الله والعياذ بالله، فسبحان الله العظيم.

يجوز مدح الذات

﴿وَلَمّا جَهَّزَهُم بِجَهازِهِم قالَ ائتوني بِأَخٍ لَكُم مِن أَبيكُم أَلا تَرَونَ أَنّي أوفِي الكَيلَ وَأَنا خَيرُ المُنزِلينَ﴾ [يوسف: ٥٩]

يجوز مدح الذات إذا كان على الحقيقة وبدون تكبر ويجوز الإستعلاء لمصلحة.

المتلازمات القرآنية

أحيانا تجد في القرآن عدة أوصاف لشيء واحد متتالية إن اجتمعت في هذا الشيء انطبقت عليه وإذا انطبق عليه أحدها لزم انطباق جميع الأوصاف الأخرى عليه لترابطها إلزاما مع بعضها البعض ولعدم انفكاكها عن بعضها البعض وبذلك يمكن معرفة باقي صفات هذا الشيء بمعرفة صفة واحدة منه وهذه هي المتلازمة القرآنية ... فمثلا تجد أن العقاب الرباني أو الوعيد الواحد يكون لعدة أشياء مجتمعة إن اجتمعت استحق صاحبها الوعيد وليس لشيء واحد، لكن من وُجِد فيه شيء واحد من الأشياء المذكورة لزم أن تكون جميعها موجودة فيه، أي من وُجِد فيه أحدها وُجِد فيه كلها، كما في سورة الماعون، فالذي يكذب بالدين لزِم أن يكون قاسي القلب يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين، وكذلك قاسي القلب الذي يدع اليتيم لزِم أن يكون من المكذبين بالدين ولا يحض على طعام المسكين، فالمؤمن رقيق القلب ليس كالملحد. وفي الآيات التالية "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون" كذلك، المصلون، الساهون عن صلاتهم، فالساهي عن صلاته لزم أن يكون من المرائين بأعمالهم ولزم أن يكون قاسي القلب فاسد الخلق يمنع الماعون، وكذلك قاسي القلب فاسد الخلق الذي يمنع الماعون لزم أن يكون ساهٍ عن صلاته ولزم أن يكون من المرائين بأعمالهم ... وهكذا. فالساهي عن الصلاة تاركها كالملحد فالسلوك يؤثر في المعتقد وهذا ثابت عند أهل العلم.

مثال
إقرأ الآيات التالية واستنتج من هم أولي الألباب واستنتج من هم الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق واستنتج من هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ... إلى آخره بنفس الطريقة أعلاه.
توضيح:
من كان من أولي الألباب لزِم أن يكون من الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، ولزم أن يكون من الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ولزم أن يكون من الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب، ولزم أن يكون من الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم ولزم أن يكون من الذين أقاموا الصلاة ولزم أن يكون من الذين أنفقو مما رزقهم الله سرا وعلانية ولزم أن يكون من الذين يدرءون بالحسنة السيئة. فإذا أخذنا أي شيء مما ذكر لزم وجود باقي الأشياء فيه، فمن وُجِد فيه أحدها وُجِد فيه كلها، بمعنى أنك إن تيقنت وجود أحد هذه الصفات في عبد من عباد الله تعالى فتأكد أن باقي الصفات موجودة فيه حتى وإن لم ترها بعينك، فمثلا الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم لزم أن يكونوا من أولي الألباب، ولزم أن يكونوا من الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ... إلى آخره.

{ أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب ( ١٩ ) الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ( ٢٠ ) والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ( ٢١ ) والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار ( ٢٢ ) جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ( ٢٣ ) سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ( ٢٤ ) والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ( ٢٥ ) } [سورة الرعد]

مثال آخر
{ ... ومن يتق الله يجعل له مخرجا ( ٢ ) ويرزقه من حيث لا يحتسب ... ( ٣ ) } [سورة الطلاق]
من يتق الله لزم أن يجعل له مخرجا ولزم أن يرزقه من حيث لا يحتسب ومن جعل الله له مخرجا لزم أن يكون ممن يتق الله ولزم أن يرزقه من حيث لا يحتسب ومن يرزقه الله من حيث لا يحتسب لزم أن يكون ممن يتق الله ولزم أن يجعل الله له مخرجا ... فإن قال أحد أن هناك الكثير ممن لا يتقون الله وقد جُعِل لهم مخرجا قلنا مخرجهم منهم وليس من الله وكذلك الذين يرزقون من حيث لا يحتسبون وهم كفار قلنا إن رزقهم ليس من الله ولكن رزقهم بينهم فالكافر دائما موكل بنفسه والله تعالى ليس وكيله فلا يرزقه الله تعالى بنفسه ولا يجعل له مخرجا بنفسه وإنما ذلك للمتقين. قال تعالى "{ إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ( ١٩٦ ) } [سورة الأعراف]"
وقال تعالى "{ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ( ١١٥ ) } [سورة النساء]" أي أن الكافر الذي يتولى أي سبيل غير سبيل المؤمنين من الإيمان بالله وتولي الله والتوكل عليه يوليه الله تعالى ما تولى فَلَو تولى العلم ولاه الله تعالى العلم ولم يتوله بنفسه ومن تولى الناس ولاه الله تعالى الناس ولم يتوله بنفسه إلا المؤمنين فإنه يتولاهم بنفسه

مثال
﴿وَإِنَّ لَكُم فِي الأَنعامِ لَعِبرَةً نُسقيكُم مِمّا في بُطونِها وَلَكُم فيها مَنافِعُ كَثيرَةٌ وَمِنها تَأكُلونَ﴾ [المؤمنون: ٢١]
متلازمة صحيحة فالأنعام التي نسقيكم من بطونها يلزم أن يكون لنا فيها منافع كثيرة ويلزم أن نأكل منها، وكذلك الأنعام التي لنا فيها منافع كثيرة يلزم أن نسقيكم مما في بطونها ويلزم أن نأكل منها، وهكذا

مثال
﴿إِنَّ الَّذينَ يُحِبّونَ أَن تَشيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنوا لَهُم عَذابٌ أَليمٌ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [النور: ١٩]
فكل من لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة يلزم أن يكونوا يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فليس هناك ممن لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ولا يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، بل الجميع يحبون. فهذه متلازمة صحيحة.

كذلك ليس كل وصف لعدة أشياء لزم أن يكون من المتلازمات القرآنية فيجب وضع ضوابط لمعرفة المتلازمات من غيرها، مثالة آيات آخر سورة الفرقان التي تتحدث عن صفات عباد الرحمن فليس كل من فيه صفة واحدة من صفات عباد الرحمن المذكورة لزم وجود باقي الصفات فيه فهذه الآيات ليست متلازمة قرآنية.

فائدة المتلازمات القرآنية هي الكشف عن باقي صفات الشيء بثبوت معرفة صفة واحدة فقط فمثلا لو أردت معرفة صفات الإنسان الذي أمامك عندما يثبت لك صفة واحدة منه، فإذا وجدت هذه الصفة في متلازمة قرآنية عرفت باقي صفاته غيبا دون أن تراها فيه بأم عينك لأن المتلازمة تكشف عن باقي صفاته، والحمد لله رب العالمين.

كفر مبطن

﴿إِذ قالَ اللَّهُ يا عيسَى ابنَ مَريَمَ اذكُر نِعمَتي عَلَيكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذ أَيَّدتُكَ بِروحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النّاسَ فِي المَهدِ وَكَهلًا وَإِذ عَلَّمتُكَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَالتَّوراةَ وَالإِنجيلَ وَإِذ تَخلُقُ مِنَ الطّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ بِإِذني فَتَنفُخُ فيها فَتَكونُ طَيرًا بِإِذني وَتُبرِئُ الأَكمَهَ وَالأَبرَصَ بِإِذني وَإِذ تُخرِجُ المَوتى بِإِذني وَإِذ كَفَفتُ بَني إِسرائيلَ عَنكَ إِذ جِئتَهُم بِالبَيِّناتِ فَقالَ الَّذينَ كَفَروا مِنهُم إِن هذا إِلّا سِحرٌ مُبينٌ ۝ وَإِذ أَوحَيتُ إِلَى الحَوارِيّينَ أَن آمِنوا بي وَبِرَسولي قالوا آمَنّا وَاشهَد بِأَنَّنا مُسلِمونَ ۝ إِذ قالَ الحَوارِيّونَ يا عيسَى ابنَ مَريَمَ هَل يَستَطيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَينا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ ۝ قالوا نُريدُ أَن نَأكُلَ مِنها وَتَطمَئِنَّ قُلوبُنا وَنَعلَمَ أَن قَد صَدَقتَنا وَنَكونَ عَلَيها مِنَ الشّاهِدينَ ۝ قالَ عيسَى ابنُ مَريَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنزِل عَلَينا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكونُ لَنا عيدًا لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنكَ وَارزُقنا وَأَنتَ خَيرُ الرّازِقينَ ۝ قالَ اللَّهُ إِنّي مُنَزِّلُها عَلَيكُم فَمَن يَكفُر بَعدُ مِنكُم فَإِنّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ العالَمينَ﴾ [المائدة: ١١٠-١١٥]

معجزات سيدنا عيسى من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغيرها لم تكفهم أو ربما اعتادوا عليها ثم جاءوا يريدون معجزة جديدة من إنزال مائدة من السماء أغضبت الجبار سبحانه فتهددهم بمن يكفر منهم بعذاب خاص وهذا التهديد يحمل في طياته أنه تعالى سيفتنهم بهذه المعجزة واحدا واحدا على طلبهم هذا وعدم اكتفائهم بالآيات السابقة وهو كفر مبطن.

وَيَدعُ الإِنسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالخَيرِ

﴿وَيَدعُ الإِنسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالخَيرِ وَكانَ الإِنسانُ عَجولًا﴾ [الإسراء: ١١]

ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير جهلا منه وظنا منه بأن ما يدعو به خير له وهو شر محض وقد يكون ذلك لانفعال أو شعور بالنشوة كقول الشاعر داعيا الله تعالى:
فليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
فهذا يدعو على نفسه أن يكون بينه وبين العالمين خراب فإن أستجيب هذا الدعاء ربما طلعت على صاحبه الإشاعات المؤذية بين الناس وربما اعتدى عليه الناس بالأيدي أو بالكلام، وهكذا، فسبحان الله العظيم.

وَكُنّا لَهُم حافِظينَ

﴿وَمِنَ الشَّياطينِ مَن يَغوصونَ لَهُ وَيَعمَلونَ عَمَلًا دونَ ذلِكَ وَكُنّا لَهُم حافِظينَ﴾ [الأنبياء: ٨٢]

هل عملهم كان فيه خطورة على حياتهم؟

مسألة شخصية

الحدود ليست مسألة شخصية بين الله تعالى والعبد فإذا كان العبد يحب الله تعالى ويتبع رسوله فالله تعالى سيحبه "﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [آل عمران: ٣١]" ولكن الحدود لإصلاح العبد نفسه كي يستقيم على المنهج ويعود لحبه لله ورسوله على الوجه الصحيح باتباع رسوله فلا يعصيه بعد ذلك ويكون تطهيرا وغسلا له من قذر الذنب فيخرج الذنب من نفسه فلا يبقى له أثر ويصح حبه لله تعالى، فالزاني حين يجلد سيبغض الزنا فيبتعد عنه ويصح حبه لله ... وليس هذا خاصا بالكبائر التي توجب الحدود ولكن كل المعاصي تبعد الناس عن الحب الحقيقي الذي هو حب الله تعالى، والإبتعاد عنها وتركها يقرب العبد من الله تعالى لأن الله تعالى قدوس لا يقبل إلا الطاهر المطهر من عباده فيحبه. والمعاصي دون الكبائر تطهرها المصائب التي تصيب العبد، وهذه تطهر العبد كالحدود فيستقيم حبه لله تعالى فيحبه الله تعالى، وهذا غاية المراد، فليصبر العبد المبتلى على مصائبه، فهي طريق التطهر والقرب من الله تعالى وحبه، والحمد لله رب العالمين.

ما علاقة الإستعاذة بالتوكل؟

{ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( ٩٨ ) إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ( ٩٩ ) إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ( ١٠٠ )  } [سورة النحل]

ما علاقة الإستعاذة بالتوكل؟
أنت حين تستعيذ بالله، تطلب المعونة من الله، فأنت ليس لديك قدرة على الشيطان، فهو ليس له بدن كبدنك تصرعه، فلزم أن تستجير بمن يقدر على صرفه عنك، فأنت لا تقدر بإمكاناتك الضعيفة على صرفه والتغلب عليه،فتستعيذ بالله منه، وهذا هو عين التوكل، فالتوكل هنا استجارة بمن يقدر حين أنت لا تقدر. وشرط التوكل على أحد أن تعلم أن لديه القوة على إجارتك، فشرط التوكل على الله تعالى هو إيمانك به، والإيمان بالله من ضمنه الإيمان بأنه القادر المقتدر الناصر المعين، وإذا توكل العبد على ربه فلن يكون للشيطان سلطان عليه، أما الذين يتولون الشيطان، فهم لا يتوكلون على الله تعالى ولا يقدمونه بينهم وبين الشيطان، بل تعاملهم مباشرة مع الشيطان، فلا يتولون الله تعالى ولا يتوكلون عليه، لذلك فسلطان الشيطان مباشر عليهم يتصرف بهم كيف يشاء والعياذ بالله.

الوحي مستمر

﴿وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَو قالَ أوحِيَ إِلَيَّ وَلَم يوحَ إِلَيهِ شَيءٌ وَمَن قالَ سَأُنزِلُ مِثلَ ما أَنزَلَ اللَّهُ وَلَو تَرى إِذِ الظّالِمونَ في غَمَراتِ المَوتِ وَالمَلائِكَةُ باسِطو أَيديهِم أَخرِجوا أَنفُسَكُمُ اليَومَ تُجزَونَ عَذابَ الهونِ بِما كُنتُم تَقولونَ عَلَى اللَّهِ غَيرَ الحَقِّ وَكُنتُم عَن آياتِهِ تَستَكبِرونَ﴾ [الأنعام: ٩٣]

اعترض على من قال سأنزل مثل ما أنزل الله فلم يستثن ولكن استثنى من من قال أوحي إلى فقال ولم يوح إليه شيء فهذا يعني أن الوحي للناس مستمر.

فائدة الكثرة في الحرب

أفواج المقاتلين في حروب المواجهة يقاتل فوج حتى يتعب فينسحب فيأتي الفوج الذي يليه وهو مرتاح بدنيا ونفسيا فيقاتل العدو المقابل الذي لم يرتح فيكونوا أقوى منهم فيغلبوهم، لذلك هذه فائدة الكثرة في الحروب فوج يقاتل حتى يتعب فينسحب ويأتي الفوج المرتاح فيقاتل بقوة لأنه مرتاح فبهذا ينتصر الجيش بكثرته.

بغير ما اكتسبوا

﴿إِنَّ الَّذينَ يُؤذونَ اللَّهَ وَرَسولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُم عَذابًا مُهينًا ۝ وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبوا فَقَدِ احتَمَلوا بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾ [الأحزاب: ٥٧-٥٨]

حين تكلم عن الله ورسوله لم يقل بغير ما اكتسبوا ولكن حين تكلم عن المؤمنين والمؤمنات قال بغير ما اكتسبوا، فالله ورسوله لا يمكن أن يكتسبوا أي باطل أو ذنب ولا بأي حال من الأحوال، بعكس المؤمنين والمؤمنات فقد يكتسبوا الباطل أو الذنب، فسبحان الله العظيم.

الكون كالقرآن كتاب الله

﴿ما نَنسَخ مِن آيَةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بِخَيرٍ مِنها أَو مِثلِها أَلَم تَعلَم أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ [البقرة: ١٠٦]
﴿أَو كَالَّذي مَرَّ عَلى قَريَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُروشِها قالَ أَنّى يُحيي هذِهِ اللَّهُ بَعدَ مَوتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَم لَبِثتَ قالَ لَبِثتُ يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالَ بَل لَبِثتَ مِائَةَ عامٍ فَانظُر إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَم يَتَسَنَّه وَانظُر إِلى حِمارِكَ وَلِنَجعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ وَانظُر إِلَى العِظامِ كَيفَ نُنشِزُها ثُمَّ نَكسوها لَحمًا فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ۝ وَإِذ قالَ إِبراهيمُ رَبِّ أَرِني كَيفَ تُحيِي المَوتى قالَ أَوَلَم تُؤمِن قالَ بَلى وَلكِن لِيَطمَئِنَّ قَلبي قالَ فَخُذ أَربَعَةً مِنَ الطَّيرِ فَصُرهُنَّ إِلَيكَ ثُمَّ اجعَل عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنهُنَّ جُزءًا ثُمَّ ادعُهُنَّ يَأتينَكَ سَعيًا وَاعلَم أَنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٩-٢٦٠]


حين ينفجر نجم وهو آية فقد نسخ من الوجود لكن سيأتي نجم آخر مثله أو خير منه يؤدي مهمته، فالكون كتاب يكتب عليه وينسخ منه وينسى بعض ما فيه ويذكر ما فيه فهو أوامر الله أي كلامه مثله مثل القرآن الكريم وآيات الكون كآيات كتاب الله كلام معجز وكلام الله تعالى يخلق سواء في الكون أو ماهو موجود في كتابه فيمكن لآيات الله القرآنية أن تخلق ... ألا تحس بتأثيرها العميق في النفس وما ذاك إلا لأثرها الخالق في النفس وكلام الله تعالى كله كذلك. أنت ترى كيف ركب الله حمار العزير وكيف أحيا الطيور الأربعة لإبراهيم عليه السلام بدون أن يضع يديه فيهم ولكن أوامر من الله أي كلام.

وَضائِقٌ بِهِ صَدرُكَ

﴿فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعضَ ما يوحى إِلَيكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدرُكَ أَن يَقولوا لَولا أُنزِلَ عَلَيهِ كَنزٌ أَو جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنتَ نَذيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيلٌ﴾ [هود: ١٢]

حتى النبي عليه السلام كان يضيق صدره من كلام أعدائه، وضيق الصدر، الذي يسبب الهم والغم، يؤدي إلى التسخط فهو لا يريد الشيء الذي ضاق صدره به ولكنه مجبر عليه وهذا نبي وقد غسل الله تعالى قلبه من الغل فما بالك بنا نحن، فالله تعالى وحده المستعان.

الله تعالى يضرب

الله تعالى لا يضرب لينتقم ولكن النفس تحتاج لصدمات تكون مؤلمة لينصلح حالها فهو أعلم بها وبما يصلحها مثل جلسات الكهرباء التي يضرب بها رأس المريض النفسي فتصلح حالته، فالله تعالى لا ينتظرك بالألم والضرب حقدا وكراهة وبغضا ويُدَفِّعك ثمن الجنة ولكن إن أحبك أراد إصلاحك ولا يكون ذلك إلا بالإيلام والضرب وهو موجع ولكن لا سبيل إلا بذلك كالأب الذي يخاف على إبنه يضربه ويوبخه لعله ينصلح حاله وهو يحبه ... هذه تسمى الفتنة وأصلها في اللغة الإختبار والإمتحان بالنار كالذهب يفتن بالنار ليفصل الذهب الخالص عن الشوائب فيؤخذ الذهب الخالص ويلقى بالشوائب ... والله تعالى يفتن الناس ليختبر معدنهم ليميز الخبيث من الطيب ويفتن العبد ليستخلص أحسن مافيه ويطهره من قذره "﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥]" ... الله تعالى يحب سليمان فيفتنه لماذا؟ لكي ينيب "﴿وَلَقَد فَتَنّا سُلَيمانَ وَأَلقَينا عَلى كُرسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنابَ﴾ [ص: ٣٤]"، يحب داود فيفتنه لماذا؟ لينيب "﴿قالَ لَقَد ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ الخُلَطاءِ لَيَبغي بَعضُهُم عَلى بَعضٍ إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَقَليلٌ ما هُم وَظَنَّ داوودُ أَنَّما فَتَنّاهُ فَاستَغفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعًا وَأَنابَ﴾ [ص: ٢٤]". والحمد لله رب العالمين.

نقود الآخرة

هل تَدرون مَن المُفلِسُ؟ قالوا: المُفلِسُ فينا، يا رسولَ اللهِ، مَن لا دِرهَمَ له ولا مَتاعَ. قال: إنَّ المُفلِسَ مِن أُمَّتي مَن يَأتي يَومَ القِيامَةِ بِصِيامٍ وصَلاةٍ وزَكاةٍ، ويَأتي قد شتَمَ عِرْضَ هذا، وقذَفَ هذا، وأكَلَ مالَ هذا، فيُقعَدُ، فيَقُصُّ هذا مِن حَسَناتِه، وهذا مِن حَسَناتِه، فإنْ فنِيَت حَسَناتُه قبْلَ أنْ يَقضِيَ ما عليه مِن الخَطايا؛ أخَذَ مِن خَطاياهم فطُرِحَت عليه، ثم طُرِحَ في النَّارِ.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : شعيب الأرناؤوط.
المصدر : تخريج المسند.
الصفحة أو الرقم: 8029.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم.

لقد جئت للدنيا لتدفع ثمن الجنة التي في الآخرة فلا تظنن أن الثمن قليل بل سيكون من مالك وصحتك وعيالك وحياتك وراحتك ومستقبلك وكل ما تملك فلا ترتاح ولا تستكين حتى تلفظ آخر أنفاسك ليأتي يوم الحساب فإذا كل ما دفعته في حياتك ثمنا للجنة تحول إلى نقود الآخرة التي هي الحسنات تدفعها وتدخل جنتك التي تساوي نقودك لا أكثر ولا أقل مخصوما منها الديون التي عليك التي هي السيئات التي اكتسبتها في الدنيا بذنوبك، كلامي عن المؤمن، الإنسان يكد ويتعب في الدنيا من أجل النقود وكذلك عليه أن يكد ويتعب من أجل نقود الآخرة. اللهم اجعلنا من أهل الجنة، فسبحان الله العظيم.

الحصالة

حين تدعو الله أن تستجلب رحمته فعليك دفع المقابل نقود الآخرة (الحسنات) حتى يكتمل الثمن عندها يستجيب الله تعالى لك ... فقط عليك دفع الثمن عل أقساط كل قسط تكرار لذات الدعاء الذي تبعث به إلى الله ليستجيب لك وبه حاجتك وليس هناك إلا الأقساط فليس هناك نقد (كاش) إلا للمضطر، كالحصالة تضع فيها نقودك حتى تمتلئ، وعندما تمتلئ يستجاب الدعاء. كذلك لكل عمل نقوده - حسناته - فلا خلط فهذه الحسنات لهذا العمل وهذه الحسنات لهذا العمل وحسنات كل دعاء تخصه هو نفسه ليس أي دعاء غيره فلذلك تجب النية مع كل دعاء ولو تصدقت فحدد لأي دعاء تتصدق كما قال النبي عليه السلام داوو مرضاكم بالصدقة فالصدقة تضيف حسنات للدعاء الذي تخصه بعينه. وفي النهاية ما تضعه في الحصالة هي حسناتك إن مت ولم يستجب الدعاء بعد فهي حسناتك تضاف إلى حسناتك والحمد لله رب العالمين.

الإستدراج

الله تعالى يستدرج العبد ويمكر به ويرفع حمايته عنه ويوقعه في المصائب ولكن بوجه حق بدون ظلم، ولكن حين يفكر العبد في حاله ومصيبته ومن أين أتت يقول هي من الله وأن الله ظلمه فالإنسان لا يحب من يمكر به ويستدرجه للمصائب فتضيق نفسه بمن يفعل ذلك به حتى ولو كان هو المخطئ فالإنسان لا يلوم نفسه والصبر صعب عليه ويريد أي أحد ليتهمه بمصيبته ويكون الله أقرب شيء لتفكيره فيتهمه نعوذ بالله من الخذلان ... قال تعالى "﴿وَإِذ يَمكُرُ بِكَ الَّذينَ كَفَروا لِيُثبِتوكَ أَو يَقتُلوكَ أَو يُخرِجوكَ وَيَمكُرونَ وَيَمكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الماكِرينَ﴾ [الأنفال: ٣٠]" لم يتسخط عليه السلام من مكر الكفار به ويقول لماذا يسلطهم الله علي؟ فأخرج الله تعالى من الصورة وعمل ما ينقض عملهم وحمد الله على أن الله يمكر بهم ولا يمكر به فالله تعالى لن يمنع أحد من فعل شيء يريده ضدك لأنه أعطى الحرية للجميع التي هي مناط التكليف ولكن يدافع عنك لأنك مؤمن ولا يمكر بك بل يمكر لك فكيف تدعي أن الله تعالى يسلط الناس عليك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وإذا عاقبك الله تعالى على ذنب فعلته فذلك لك لا عليك لأنه لو تركك لتماديت في الذنب ولحصل مالا يحمد عقباه أو لوقعت في مصائب كبيرة جراء تكرار الذنب "﴿إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفورٍ﴾ [الحج: ٣٨]". والله تعالى خيرٌ محض كما أخبر في كتابه "﴿... إِنَّ اللَّهَ بِالنّاسِ لَرَءوفٌ رَحيمٌ﴾ [الحج: ٦٥]" وقال في حق المؤمنين "﴿... يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ ...﴾ [البقرة: ١٨٥]" وكان يقول نبيه عليه السلام في دعاء الإستفتاح "... والخَيرُ كلُّه في يدَيْكَ، والشَّرُّ ليس إليكَ ... إسناده صحيح على شرط مسلم".

المملكة

كل فرد ينشئ في هذه الدنيا مملكته الخاصة به يُحكِمها ويَحكُمها ويتسلط عليها ويفرح بها، ولكنها ليست مملكته، فالله يملكها ويملكه، ثم يإتي يومٌ تتحطم هذه المملكة، وينظر فإذا هو لا مملكة له، ويجد أن المملكة هي مملكة الله تعالى وملكه، فليحذر، فليس له يومها من الأمر شيء، يعود كما ولدته أمه ليس له شيء، ولينظر إلى عمله فقط، فإن كان خيرا أعطي من الملك ما يفوق أي تخيل تهون بجنبه ممالك الدنيا كُلِّها، وإلا سُلِب حتى ملك جسده يتحرق في نار جهنم، فليحذر!

وما كان لي عليكم من سلطان

{ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ( ٢٢ ) } [سورة إبراهيم]

لم يكن الشيطان يجبرهم على شيء وإلا لكان لهم العذر أمام الله تعالى أنهم كانوا مجبرين على المعصية فيرفع عنهم العقاب.

الخميس، 16 مايو 2019

وَلا يَأتونَكَ بِمَثَلٍ إِلّا جِئناكَ بِالحَقِّ وَأَحسَنَ تَفسيرًا

﴿وَقالَ الَّذينَ كَفَروا لَولا نُزِّلَ عَلَيهِ القُرآنُ جُملَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلناهُ تَرتيلًا ۝ وَلا يَأتونَكَ بِمَثَلٍ إِلّا جِئناكَ بِالحَقِّ وَأَحسَنَ تَفسيرًا﴾ [الفرقان: ٣٢-٣٣]

كلما كان الشرح موجزا وسهلا كان أبلغ في الحجة فليس هناك داع للإختراع والبحث والتفصيل لكي نقرع الحجة فكلما كان قرع الحجة بأسلوب سهل ومفهوم كان أفضل، كما في الإيجاز المبدع في الرد على حجة الكفار أعلاه وهذا هو أحسن تفسير فسبحان الله العظيم.

حكم المؤبد

﴿قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيهِم أَربَعينَ سَنَةً يَتيهونَ فِي الأَرضِ فَلا تَأسَ عَلَى القَومِ الفاسِقينَ﴾ [المائدة: ٢٦]

حكم المؤبد الرباني أربعون سنة بعدها يحرر الله تعالى العبد ... أذنب يعقوب عليه السلام فحرم من ابنه يوسف أربعين سنة ... عصى قوم موسى موسى عليه السلام في شأن دخول الأرض المقدسة فحرموا من دخولها أربعين سنة ...

مَوثِقًا مِنَ اللَّهِ

﴿فَلَمّا رَجَعوا إِلى أَبيهِم قالوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الكَيلُ فَأَرسِل مَعَنا أَخانا نَكتَل وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ ۝ قالَ هَل آمَنُكُم عَلَيهِ إِلّا كَما أَمِنتُكُم عَلى أَخيهِ مِن قَبلُ فَاللَّهُ خَيرٌ حافِظًا وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ ۝ وَلَمّا فَتَحوا مَتاعَهُم وَجَدوا بِضاعَتَهُم رُدَّت إِلَيهِم قالوا يا أَبانا ما نَبغي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّت إِلَينا وَنَميرُ أَهلَنا وَنَحفَظُ أَخانا وَنَزدادُ كَيلَ بَعيرٍ ذلِكَ كَيلٌ يَسيرٌ ۝ قالَ لَن أُرسِلَهُ مَعَكُم حَتّى تُؤتونِ مَوثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأتُنَّني بِهِ إِلّا أَن يُحاطَ بِكُم فَلَمّا آتَوهُ مَوثِقَهُم قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقولُ وَكيلٌ﴾ [يوسف: ٦٣-٦٦]

مع أنه يعلم أنهم مخادعون خدعوه في المرة السابقة ولكن لما وجد أنه لا بد أن يرسل أخاهم معهم طلب منهم موثقا من الله تعالى، فلما آتوه موثقهم من الله أرسله معهم وهذا من ثقته بالله تعالى وليس بهم وهو من فرط إيمانه بالله تعالى، وأنه من آتاك موثقاً من الله في أمر مُلِحٍ يجب أن تثق به حتى مع علمك أنه قد يخدعك ... أليس هذا غريباً؟ كلا ... إنه التسليم لله تعالى الذي هو مقدم على كل مخاوفك فإذا سلمت أمرك لله تعالى حفظك، وهذا ما حدث مع يعقوب عليه السلام فعلا فقد أعاد الله تعالى له ولديه معاً لفرط ثقته بالله تعالى ولم يخيبه الله تعالى فسبحان الله العظيم.

صفاء الذهن لدى الكفار في النار

﴿وَإِذ يَتَحاجّونَ فِي النّارِ فَيَقولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذينَ استَكبَروا إِنّا كُنّا لَكُم تَبَعًا فَهَل أَنتُم مُغنونَ عَنّا نَصيبًا مِنَ النّارِ ۝ قالَ الَّذينَ استَكبَروا إِنّا كُلٌّ فيها إِنَّ اللَّهَ قَد حَكَمَ بَينَ العِبادِ ۝ وَقالَ الَّذينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادعوا رَبَّكُم يُخَفِّف عَنّا يَومًا مِنَ العَذابِ ۝ قالوا أَوَلَم تَكُ تَأتيكُم رُسُلُكُم بِالبَيِّناتِ قالوا بَلى قالوا فَادعوا وَما دُعاءُ الكافِرينَ إِلّا في ضَلالٍ﴾ [غافر: ٤٧-٥٠]

أنظر إلى صفاء الذهن لدى الكفار في النار فليس لديهم تشتت في الفكر ولا يصرفهم العذاب عن التفكير السليم والمنطق السليم فسبحان الله العظيم.

هل كان يلوم الله تعالى

من سيرة النبي الكريم عليه السلام يتبين أن الرسول كان يتخذ قرارات من ذات نفسه وينتج عن بعض قراراته أضرار به وبأصحابه فهل كان يلوم الله تعالى؟ لم يارب لم تدلني على العمل السديد؟ كلا بل كان يقوم بالفعل المناسب بعد حصول المصيبة التي تحل به وبأصحابه من دعاء وتذلل إلى الله تعالى ومن عمل على الأرض لحل مشكلته، بل على العكس فقد كان الله تعالى يلومه على أفعاله التي تنبع من طيبته كما حدث منه مع أسارى بدر "﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكونَ لَهُ أَسرى حَتّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُريدونَ عَرَضَ الدُّنيا وَاللَّهُ يُريدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ ۝ لَولا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فيما أَخَذتُم عَذابٌ عَظيمٌ﴾ [الأنفال: ٦٧-٦٨]" وما كان يحدث منه مع المنافقين "﴿عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُم حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذينَ صَدَقوا وَتَعلَمَ الكاذِبينَ﴾ [التوبة: ٤٣]" ... لم يكن يلوم الله تعالى بل كان يتذلل إليه.

"عسى أن" دعاء

﴿وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلقاءَ مَديَنَ قالَ عَسى رَبّي أَن يَهدِيَني سَواءَ السَّبيلِ﴾ [القصص: ٢٢]

"عسى أن" دعاء فيه تحنن وتذلل وتلطف إلى الله تعالى يدعوه ويطلب منه أن يهديه إلى السبيل السوي فلا يزيغ ولا ينحرف عن جادته. والسبيل هو أي سبيل كان فهناك سبل مادية وسبل معنوية فالسبيل المادي هو مثل الطريق الذي يسلكه الناس في ذهابهم وإيابهم. أما المعنوية فمثل سبيل الرزق. وسيدنا موسى عليه السلام طلب الإثنين فهو كان على سفر وكان مُعدما عليه السلام. والله أعلم وسبحان الله العظيم.

لماذا يخنس الشيطان عند الإستعاذة بالله تعالى منه

الشيطان يحارب الله تعالى ولكنه يخافه خوفا شديدا لأنه يعلم تماما بالتجربة أن الله تعالى شديد العقاب "﴿وَإِذ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ أَعمالَهُم وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ اليَومَ مِنَ النّاسِ وَإِنّي جارٌ لَكُم فَلَمّا تَراءَتِ الفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيهِ وَقالَ إِنّي بَريءٌ مِنكُم إِنّي أَرى ما لا تَرَونَ إِنّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَديدُ العِقابِ﴾ [الأنفال: ٤٨]" وأن الله تعالى لن يفوت عقابه له ولا لمرة واحدة على أي ذنب. كل هذا في الدنيا قبل الآخرة لأن آية "﴿لَيسَ بِأَمانِيِّكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ مَن يَعمَل سوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصيرًا﴾ [النساء: ١٢٣]" معناها عقوبة دنيوية كما ورد في الحديث الصحيح "لَمَّا نزلَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ شقَّ ذلِكَ على المسلِمينَ فشَكَوا ذلِكَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ قارِبوا وسدِّدوا وفي كلِّ ما يصيبُ المؤمِنَ كفَّارةٌ حتَّى الشَّوْكةَ يشاكُها أوَ النَّكبةَ ينْكبُها
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : الألباني.
المصدر : صحيح الترمذي.
الصفحة أو الرقم: 3038.
خلاصة حكم المحدث : صحيح."، لذلك يعلم الشيطان أنه سيعاقب ويتألم فهو قد جرب ذلك فيكتفي بما وسوس ويخنُس - أي يتصاغر هاربا من العقاب وهذا مؤلم له وهو عقابه. فعندما يستعيذ المؤمن بالله تعالى، وهو التجاء العبد المؤمن لله واعتصامه به، فإن الله تعالى سيعصمه ويبعد عنه الشيطان بتصغيره كالذباب وهذا مؤلم له كما في الحديث الصحيح "عن أبي تَميمةَ الهُجَيميِّ، عن رِدْفِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو مَن حَدَّثَه عن رِدْفِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّه كان رِدْفَه فعَثَرَتْ به دابَّتُه، فقال: تَعِسَ الشَّيطانُ، فقال: لا تَفعَلْ؛ فإنَّه يَتعاظَمُ إذا قُلتَ ذلك حتى يَصيرَ مِثلَ الجَبَلِ، ويقولُ: بقُوَّتي صَرَعتُه، وإذا قُلتُ: باسمِ اللهِ، تَصاغَرَ حتى يكونَ مِثلَ الذُّبابِ.
الراوي : رجال من أصحاب رسول الله.
المحدث : شعيب الأرناؤوط.
المصدر : تخريج المسند.
الصفحة أو الرقم: 23092.
خلاصة حكم المحدث : صحيح." وهذا هو الخنس كقوله تعالى "﴿فَلا أُقسِمُ بِالخُنَّسِ﴾ [التكوير: ١٥]" أي التي يخنس ضوؤها فيتصاغر. ولكن لماذا يوسوس وهو يعلم أن الوسوسة يعاقب عليها في دنياه وفي آخرته؟ أليس من المريح له لو لم يوسوس؟ يبدو أن الوسوسة لديه هي شهوة ولذة يتلذذ بها عندما تنجح وسوسته مع العبد ويسر بها كثيرا كما ورد من تعاظمه في الحديث الصحيح "عن أبي تَميمةَ الهُجَيميِّ، عن رِدْفِ" أعلاه . والله تعالى أعلم. والحمد لله رب العالمين.

كلام مهم عن يجز به

قال رجلٌ لعُمرَ بنِ الخطَّابِ , رضي اللهُ عنه : إني لأعرِفُ أشدَّ آيةٍ في كتابِ اللهِ ، فأهوى عُمرُ فضرَبه بالدِّرَّةِ وقال : مالَكَ نقبتَ عنها حتى علِمْتَها ، فانصرِفْ حتى إذا كان الغَدُ قال له عُمرُ : الآيةَ التي ذكَرتَ بالأمسِ , قال : وهل ترَكتَني أخبرُكَ عنها ؟ فقال له عُمرُ : ما نِمتُ البارحةَ ، فقال : يا أميرَ المؤمِنينَ ، قال اللهُ , عزَّ وجلَّ : مَن يَعمَلْ سوءًا يُجزَ به ما مِن أحدٍ يَعمَلُ سوءًا إلا جُزِي به ، فقال عُمرُ : إنا حين نزَلَتْ ما نفَعَنا طعامٌ ولا شرابٌ حتى أَنزَل اللهُ , تبارَك وتعالى , بعدَ ذلك ورخَّص قال : ومَن يَعمَلْ سوءًا أو يَظلِمْ نفسَه ثم يَستَغفِرِ اللهَ يجِدِ اللهَ غفورًا رحيمًا
الراوي : محمد بن المنتشر.
المحدث : البوصيري.
المصدر : إتحاف الخيرة المهرة.
الصفحة أو الرقم: 6/198.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.

إنقلاب الكون

﴿وَيَستَعجِلونَكَ بِالعَذابِ وَلَن يُخلِفَ اللَّهُ وَعدَهُ وَإِنَّ يَومًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ﴾ [الحج: ٤٧]

يوم كألف سنة؟
الله تعالى يقول أن يوما عنده يعادل ألف سنة عندنا فكم بعده عنا سبحانه ... بالنسبة والتناسب 1: 1000 سنة هو 1:365242.2 على أساس أن السنة الميلادية تساوي 365.2422 يوم أو 1:354367.056 على أساس أن السنة الهجرية تساوي 354.367056 يوم، فأين يمكن أن يكون مكان وجود هذه النسبة في الكون أو على بعد كم يمكن أن يصبح اليوم بألف سنة ... بعدنا عن مركز الكون الذي هو مركز الأرض = نصف قطر الأرض أي يساوي 6371 كم على فرض أن الأرض كروية وهي في مركز الكون فقد أثبت العلماء قريبا أن المجموعة الشمسية هي مركز الكون ونؤيد ذلك ولكن دقتهم ليست كما ينبغي فالحقيقة أن الأرض التي هي من المجموعة الشمسية هي مركز الكون. وهذا رابط تنزيل ملف pdf يشرح هذه الحقيقة.

قانون الحركة النسبية
t / t’ = l’ / l
ويصلح هذا القانون لأي حركة نسبية بدون شرط مقاربة السرعة لسرعة الضوء ولكن لاحظ أنه لا علاقة للمعادلة بالسرعة ... علاقة فقط بين الطول والزمن وهذا ما نريده لهذه المسألة
t’ = الزمن الظاهري للجسم في نظر الراصد ويساوي ١٠٠٠ سنة
t = الزمن الحقيقي للراصد ويساوي ١ يوم
l’ =الطول الظاهري للجسم في نظر الراصد ويساوي ٦٣٧١ كم وهو طول المسافة بين الراصد ومركز الأرض
l = الطول الحقيقي للراصد وهو المجهول المطلوب إيجاده وهو طول المسافة بين الراصد والسماء
بالميلادي يكون بعد السماء
1 / 365242.2 = 6371 / l
l = 365242.2 x 6371 = 2,326,958,056.2 km (كيلومتر)
وبالهجري يكون بعد السماء
l =354367.056 x 6371 = 2,257,672,513.776 km (كيلومتر)

أي أن السماء تبعد عنا تقريبا ٢,٣ مليار كيلو متر ... لاحظ وحسب قانون النسبية أعلاه الذي يُبين التناسب الطردي بين الطولين أنه كلما اقتربنا من مركز الأرض الذي هو مركز الكون كلما قلت المسافة بيننا وبين السماء وكلما ابتعدنا عن مركز الأرض الذي هو مركز الكون زادت المسافة بيننا وبين السماء وهذا عجيب فكلما سجدنا بجباهنا على الأرض اقتربنا من السماء كما جاء في حديث النبي عليه السلام "أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ؛ فأكثِروا الدُّعاءَ.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : مسلم.
المصدر : صحيح مسلم.
الصفحة أو الرقم: 482.
خلاصة حكم المحدث : صحيح."
فأعلى نقطة في الكون المنظور هي أقرب نقطة إلى مركزه ... عجيب غريب سبحان الله العظيم.

حساب بعد القمر

t x 6371 =
384,400
t = 60.366 days
حيث ٣٨٤,٤٠٠ هي بعد القمر عن سطح الأرض.
أي بعد القمر عنا يساوي تقريبا شهرين قمريين
لحساب البعد النسبي من مركز الأرض لكي يكون الزمن النسبي ٦٠,٣٦٦ يوم هو
60.366 / 354367.056 = l’ / 6371
l’ = 1.085 km من مركز الأرض

اذن إحفر في الأرض 6370 كيلومتر لتصل إلى بُعْد القمر عن مركز الأرض

حساب بعد الشمس
t = 149600000 / 6371
t = 23,481.4 days
أي أن بعد الشمس عنا يساوي ٦٦,٢٦ سنة هجرية أو ٦٤,٢٩ سنة شمسية.
23,481.4 / 365242.2 = l’ / 6371
l’ = 409.59 km
إذن إحفر في الأرض 6371 - 409.59 = 5,961.4 كيلومتر لتصل إلى بعد الشمس عن مركز الأرض، فأبعاد الأجرام السماوية عن مركز الأرض تتموضع على طول نصف قطر الأرض فالقمر يتموضع بُعْده على مسافة ١ كيلومتر من مركز الأرض والشمس يتموضع بُعْدها على مسافة ٤١٠ كيلومتر من مركز الأرض حتى نصل تقريبا إلى الأجرام التي تبعد ٢,٣ مليار كيلومتر من السماء تقريبا عند كوكب أورانوس يكون بعده يساوي نصف قطر الأرض أي يتموضع بعده على مسافة صفر أي على سطح الأرض.
آية "وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون" (مما تعدون) أي على سطح الأرض. وتدل الآية على نسبية حساب الزمن وبالتالي الأبعاد وأنها ليست ثابتة ولكن تتغير وعندما يصل البعد إلى ما يعادل الألف سنة أي ٢,٣ مليار كيلومتر تنقلب السماء بالعكس ويكمل الكون مكوناته في الجهة الأخرى من الكون كما يقولون عن الثقب الأسود. لبيان ذلك بالأرقام، لنفترض أن بُعْد جرم سماوي معين عنا يساوي ٣ مليار سنة فأين يتموضع هذا البعد على نصف قطر الأرض؟
t = 3,000,000,000 / 6371
t = 470,883.7 days

470,883.7 / 365242.2 = l’ / 6371
l’ = 8,213.7 km
إذن إحفر في الأرض 6371 - 8,213.7 = −1,842.7 km أي بالسالب -١٨٤٢,٧ كيلومتر، فأين يكون هذا؟ لا تتوقع أن تكمل الحفر في الأرض في النصف الثاني من الأرض ... كلا فحساباتنا كلها مبنية على نصف القطر وليس القطر لأن مركز الأرض الذي هو مطابق لمركز الكون هو ما بنينا عليه حساباتنا، فحين تكون نتائج حساباتنا بالسالب فهذا يعني أننا دخلنا في كون آخر.
فسبحان الله العظيم.

العدل والرحمة

{لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء : 123]
لما نزلت : مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [ 4 / النساء / 123 ] بلغتْ من المسلمين مبلغًا شديدًا . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " قارِبوا وسدِّدوا . ففي كلِّ ما يصابُ به المسلمُ كفارةٌ . حتى النكبةِ ينكبُها ، أو الشوكةَ يشاكُها " . قال مسلمٌ : هو عمرُ بنُ عبدِالرحمنِ بنِ مُحيصنٍ ، من أهلِ مكةَ .
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : مسلم.
المصدر : صحيح مسلم.
الصفحة أو الرقم: 2574.
خلاصة حكم المحدث : صحيح.

قال تعالى يُجْزَ به ولم يقل أجزيه به فمن هذا الذي استخدمه الله تعالى ليجزي به العبد الذي يعمل سوءا ... الواضح أن الله لم يجزه بنفسه ولم يتول الأمر بنفسه ولكن هناك من فعل ذلك نيابة عنه تعالى، أو عملت قوانينه الكونية سبحانه ذلك نيابة عنه فيكون العقاب عادلا ... وهذا للمؤمن والكافر، فلو تولى ذلك بنفسه لرحم عبده، فهو أرحم الراحمين سبحانه، فليحذر العبد من الذنب، فإنه عندما لا يتولى الله العقوبة بنفسه ستكون العقوبة شديدة بحجم العمل السيء لأنها ستكون بالعدل ولو تولاها الله بنفسه لعفى وغفر وصفح أو خفف العقوبة ولاستحى من عبده لأنه عفو غفور ورحيم حليم وحيي كريم سبحانه وتعالى ولكنه عادل يحاسب بالعدل، فلأن العقوبة للمؤمن والكافر ترك الأمر لغيره بالعقوبة ولو كانت للمؤمن فقط لتولاها بنفسه ليرحمه ولكن لما كانت العقوبة للمؤمن والكافر تركها للعدل لبغضه للكافر، فليحذر المؤمن من هذا العدل فالحكم هنا بالعدل وليس بالرحمة والحمد لله رب العالمين.

فَاستَجَبنا لَهُ

عندما يأتي العبد بحجة بيْنه وبيْن نفسه يريد أن لا يؤدي بهذه الحجة طاعة لله يستطيعها أو يؤخرها لكنها مُتعِبة قليلا له فإنه يأتي بتبرير بسيط فيه مراوغة بيْنه وبيْن نفسه لكي لا يؤدي بها الطاعة أو يؤخرها، ولكن لا يقبل من الله ورسوله آيات وأحاديث واضحة بهذا الخصوص أوضحها الله تعالى في كتابه وحدث بها نبيه عليه السلام فيتسخط على الله تعالى أو يعتب عليه إذا أخر الله تعالى الإجابة على دعاء دعا به ... ألم تلاحظ أن الله يعاملك بالمثل، فأنت تؤخر الطاعة وهو يؤخر الإجابة فلا تسخط فأنت من بدأ بالتأخير ... إذا أردت أن يستجيب الله تعالى لك فاستجب له فهو يدعوك كما تدعوه وهو غني عنك وأنت لا غنى لك عنه "﴿استَجيبوا لِرَبِّكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ يَومٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكُم مِن مَلجَإٍ يَومَئِذٍ وَما لَكُم مِن نَكيرٍ﴾ [الشورى: ٤٧]" وسارع بالطاعة ولا تؤخرها، فإن الله تعالى سوف يسارع بالإستجابة إن كنت من المسارعين إلى طاعته، لذلك تجد أن الله تعالى يمدح الذين يسارعون في الخيرات بسرعة الإستجابة، وهذه أمثلة: "﴿وَأَيّوبَ إِذ نادى رَبَّهُ أَنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ ۝ فَاستَجَبنا لَهُ فَكَشَفنا ما بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيناهُ أَهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم رَحمَةً مِن عِندِنا وَذِكرى لِلعابِدينَ ۝ وَإِسماعيلَ وَإِدريسَ وَذَا الكِفلِ كُلٌّ مِنَ الصّابِرينَ ۝ وَأَدخَلناهُم في رَحمَتِنا إِنَّهُم مِنَ الصّالِحينَ ۝ وَذَا النّونِ إِذ ذَهَبَ مُغاضِبًا فَظَنَّ أَن لَن نَقدِرَ عَلَيهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَن لا إِلهَ إِلّا أَنتَ سُبحانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمينَ ۝ فَاستَجَبنا لَهُ وَنَجَّيناهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ نُنجِي المُؤمِنينَ ۝ وَزَكَرِيّا إِذ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرني فَردًا وَأَنتَ خَيرُ الوارِثينَ ۝ فَاستَجَبنا لَهُ وَوَهَبنا لَهُ يَحيى وَأَصلَحنا لَهُ زَوجَهُ إِنَّهُم كانوا يُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَيَدعونَنا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكانوا لَنا خاشِعينَ﴾ [الأنبياء: ٨٣-٩٠]" والشاهد قوله تعالى (فَاستَجَبنا لَهُ)، فاستجبنا الفاء تدل على فورية الإستجابة فبمجرد أن يدعو النبي تكون الإستجابة. وهذه الآيات تسرد أسباب الإستجابة الفورية من الله تعالى ومنها المسارعة في الخيرات، فهم يسارعون في الخيرات والله تعالى يسارع في الإستجابة. والحمد لله رب العالمين.

النبرة

في سورة يس ترى الآيات التالية "﴿وَما أَنزَلنا عَلى قَومِهِ مِن بَعدِهِ مِن جُندٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنّا مُنزِلينَ ۝ إِن كانَت إِلّا صَيحَةً واحِدَةً فَإِذا هُم خامِدونَ ۝ يا حَسرَةً عَلَى العِبادِ ما يَأتيهِم مِن رَسولٍ إِلّا كانوا بِهِ يَستَهزِئونَ ۝ أَلَم يَرَوا كَم أَهلَكنا قَبلَهُم مِنَ القُرونِ أَنَّهُم إِلَيهِم لا يَرجِعونَ ۝ وَإِن كُلٌّ لَمّا جَميعٌ لَدَينا مُحضَرونَ﴾ [يس: ٢٨-٣٢]" يتكلم الله فيها بهدوء ورحمة وبدون غضب وبنبرة هادئة مع أنهم كانوا مجرمين ونزل بهم عقابه ويتحسر عليهم وهذه الآيات في الدنيا قبل يوم الحساب ... والآيات التالية يوم البعث من القبور قبل يوم الحساب "﴿قالوا يا وَيلَنا مَن بَعَثَنا مِن مَرقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحمنُ وَصَدَقَ المُرسَلونَ ۝ إِن كانَت إِلّا صَيحَةً واحِدَةً فَإِذا هُم جَميعٌ لَدَينا مُحضَرونَ ۝ فَاليَومَ لا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا وَلا تُجزَونَ إِلّا ما كُنتُم تَعمَلونَ﴾ [يس: ٥٢-٥٤]" كذلك يتكلم بهدوء وبدون غضب وبنبرة هادئة، وهذه الآيات في يوم البعث قبل يوم الحساب. ولكن في مجموعة آيات يوم الحساب حيث الحساب، أنظر أدناه، تراه يتكلم بنبرة قوية وبغضب شديد لأنه كره لهم العذاب، فهو شديد، وهو لا يحب لهم ذلك ولا كان يريده لهم، وإلا فلم كان يرسل لهم الرسل، فغضب عليهم بسبب ما فعلوه في أنفسهم ولكن لا بد لهم من العذاب من باب الحق والعدل! لا بد! ... سبحانه فما أرحمه! ... آيات يوم الحساب هي "﴿وَامتازُوا اليَومَ أَيُّهَا المُجرِمونَ ۝ أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يا بَني آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشَّيطانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ ۝ وَأَنِ اعبُدوني هذا صِراطٌ مُستَقيمٌ ۝ وَلَقَد أَضَلَّ مِنكُم جِبِلًّا كَثيرًا أَفَلَم تَكونوا تَعقِلونَ ۝ هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتي كُنتُم توعَدونَ ۝ اصلَوهَا اليَومَ بِما كُنتُم تَكفُرونَ ۝ اليَومَ نَختِمُ عَلى أَفواهِهِم وَتُكَلِّمُنا أَيديهِم وَتَشهَدُ أَرجُلُهُم بِما كانوا يَكسِبونَ ۝ وَلَو نَشاءُ لَطَمَسنا عَلى أَعيُنِهِم فَاستَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنّى يُبصِرونَ ۝ وَلَو نَشاءُ لَمَسَخناهُم عَلى مَكانَتِهِم فَمَا استَطاعوا مُضِيًّا وَلا يَرجِعونَ﴾ [يس: ٥٩-٦٧]" والغضب الشديد واضح ليس كما في قصة أهل القرية ولا يوم البعث قبل يوم الحساب ولتدرك مقصود المقالة إقرأ الآيات بفهم وتذوق نبرتها بهدوء. علما أن يوم البعث يكون عند النفخ في الصور النفخة الثانية وهي نفخة الفزع وتكون قبل يوم الحساب، فهما يومان مختلفان من أيام يوم القيامة. والله أعلم والحمد لله رب العالمين.

روح جبارة

قلنا أن الروح هي المحرك الذي يجري في الجسد فيحركه كالطاحونة الهوائية، روحها الهواء. ولكن هناك روح ضعيفة كالهواء وروح قوية كالماء وهناك روح جبارة هي روح الله تعالى حين تنفخ في جسد الإنسان تخترق مكونات الجسد المادية بقوة شديدة فيمتد عمره طويلا. وتخترق نفسه فتصل إلى مَلَكات عميقة جدا لا تصل إليها أرواح الكائنات الأخرى كالقردة فتزداد الأحاسيس عمقا وتتنوع أكثر بكثير مما لدى الكائنات الأخرى، فهناك عمق وتنوع ... هذه هي روح الله تعالى التي نفخ منها في الإنسان ... نفخته التي تميز بها الإنسان فأصبح بها جبارا مقتدرا فإذا به يقيم الدنيا ولا يقعدها ووصلت يده إلى أعماق الكون ... إقرأ التاريخ لترى كم هي عجيبة هذه النفخة، فسبحان الله العظيم.

إن الله يدافع عن الذين آمنوا

من القوانين الربانية
آمِن = يدافع الله عنك
من فوائد القوانين الربانية أنه لا يمكن التدخل البشري فيها فهي لا تتغير إلا بقوة الله فقط لا بقوة نبي مرسل ولا ملك مقرب فهي ثوابت كونية لذلك حين يقول الله تعالى "إن الله يدافع عن الذين آمنوا" فلا حاجة لك أن تدعو الله تعالى أن يدافع عنك إذا كنت مؤمنا فالله تعالى سيدافع عنك سيدافع عنك ولكن يكون الدعاء باستعجال الأمر أو مثل ذلك.

الكل سيفتن بشدة

﴿إِنَّ قارونَ كانَ مِن قَومِ موسى فَبَغى عَلَيهِم وَآتَيناهُ مِنَ الكُنوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنوءُ بِالعُصبَةِ أُولِي القُوَّةِ إِذ قالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَح إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحينَ ۝ وَابتَغِ فيما آتاكَ اللَّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنيا وَأَحسِن كَما أَحسَنَ اللَّهُ إِلَيكَ وَلا تَبغِ الفَسادَ فِي الأَرضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ ۝ قالَ إِنَّما أوتيتُهُ عَلى عِلمٍ عِندي أَوَلَم يَعلَم أَنَّ اللَّهَ قَد أَهلَكَ مِن قَبلِهِ مِنَ القُرونِ مَن هُوَ أَشَدُّ مِنهُ قُوَّةً وَأَكثَرُ جَمعًا وَلا يُسأَلُ عَن ذُنوبِهِمُ المُجرِمونَ ۝ فَخَرَجَ عَلى قَومِهِ في زينَتِهِ قالَ الَّذينَ يُريدونَ الحَياةَ الدُّنيا يا لَيتَ لَنا مِثلَ ما أوتِيَ قارونُ إِنَّهُ لَذو حَظٍّ عَظيمٍ ۝ وَقالَ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوابُ اللَّهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا وَلا يُلَقّاها إِلَّا الصّابِرونَ ۝ فَخَسَفنا بِهِ وَبِدارِهِ الأَرضَ فَما كانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرونَهُ مِن دونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنتَصِرينَ ۝ وَأَصبَحَ الَّذينَ تَمَنَّوا مَكانَهُ بِالأَمسِ يَقولونَ وَيكَأَنَّ اللَّهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ وَيَقدِرُ لَولا أَن مَنَّ اللَّهُ عَلَينا لَخَسَفَ بِنا وَيكَأَنَّهُ لا يُفلِحُ الكافِرونَ ۝ تِلكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُها لِلَّذينَ لا يُريدونَ عُلُوًّا فِي الأَرضِ وَلا فَسادًا وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ ۝ مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيرٌ مِنها وَمَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجزَى الَّذينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلّا ما كانوا يَعمَلونَ﴾ [القصص: ٧٦-٨٤]

لو سُمِح لقارون أن يقابل ربه سيقول له لقد كانت فتنتك لي شديدة لو فتنت بها أي أحد لوقع فيما وقعت فيه فهل فتنت كل الناس كما فتنتني؟ هل كل الناس يفتنون بشدة؟ الجواب نعم وإلا فأين العدل فقد فتن قارون بشدة وفرعون كذلك وهامان والأنبياء ومحمد عليه السلام وأنا وأنت كلنا فتنا وسيفتن من لم يفتن بعد ... الكل سيفتن بشدة والله المستعان.

حرف النون

... كانَ اللَّهُ ولَمْ يَكُنْ شيءٌ قَبْلَهُ، وكانَ عَرْشُهُ علَى المَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ، وكَتَبَ في الذِّكْرِ كُلَّ شيءٍ ... صحيح البخاري.

ذكرت كتب التفسير وغيرها آثاراً عن ابن عباس في وصف اللوح المحفوظ منها أنه قال: اللوح من ياقوتة حمراء أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك ، كتابه نور، وقلمه نور ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء: يرفع وضيعاً، ويضع رفيعاً يغني فقيراً ويفقر غنياً، يحيي ويميت ويفعل ما يشاء لا إله إلاَّ هو.

النون ليست من أصل الكلمة التي توجد فيها فهي حرف الذاتية الذي ينسب الكلمة إلى ذات معلومة كذات الله كما في الرحمن وذات الإنسان كما في الإنس والإنسان وذات الجن كما في الجن والجان وذات الشيطان كما في الشيطان وذات المتكلم كما في أنا والمتكلمين كنحن وذات الجمع كنفعل ونقول ويفعلون ويقولون وذات فلكية كنجم وذات طيبة الريح كريحان وذات صفة كنعمة ونقمة ونسمة ونسك وحسن وسكن ومبين.
النون تكون في الكلمات الذاتية التي تخترق النفس وتمتزج بها بعمق سواء كانت نفسا طيبة أو خبيثة مثل الدنيا والبنين والبنات واليمين والنخل والزيتون والرمان والنبات والحنين والأنين والنفس والإنس والجن والشيطان والزينة والغنى والدين والنصيب والنعمة والبطن والضأن والغنم والأنثى وإثنان وثمانية والحسن والميزان والنفع والإيمان والنظر والحنف والحنث والنسك.
ن أي أنا وليس هناك أنا أعظم من الله تعالى فقد كان ولم يكن شيء قبله فلم يكن معه شيء من مخلوقاته فلما خلقها سمح لها بالنون فصارت تقول أنا مثله ولكن هو صاحبها الأعظم الذي سيسلبها من جميع خلقه يوم يُفني السماوات والأرض ويبقى وجهه الكريم فاحذر من الأنا، تقول أنا وأنا بطرا وكبرا، فإنها خطيرة فلا تنازع الله تعالى في ملكه فهي له يستردها منك متى شاء.
ن والقلم وما يسطرون قسما بنون التي لولاها ما طاب الكلام ولا الأدب والتي هي حلية الكلام فلا يَجْمُل إلا بها ولا يستساغ، وهي التي تلون الكلام مع أن بدونها يمكن قول الكثير فمهمتها تسهيل الكلام وجعله واضحا سلسا سهلا يمكن تذكره وحفظه فهي بهار اللغة تجعله طيب المذاق مرغوبا شهيا يُشتاق إليه وهي موسيقا الكلام فبها يُطرِب الشعر الذي تتحرك به الجماهير ولها من إعجاز كلام الله نصيب وافر وبها يُثَبَّت الكلام فلا يتفكك، هذه النون القديرة زينت اللوح المحفوظ وما يسطره الساطرون ... والقلم هو القلم الذي يكتب به ما في اللوح المحفوظ وهو واحد لذلك جاء بالإفراد. ومايسطرون وهو ما يكتبه ملائكة تسجيل أعمال الناس وما يكتبه الكاتبون أينما كانوا منذ خلق الله القلم ... قلم واحد يُكتب به جميع ما يسطره الخلق على اللوح المحفوظ فالقلم يتحرك على اللوح المحفوظ بما يسطره الذين يسطرون فسبحان الله العظيم.

أسماء الله الحسنى في آية الكرسي

مقصد آية الكرسي هو الحفظ وهو موجود في آخر الآية فالله تعالى يحفظ بها قارئها من كل شر.
وفي آية الكرسي لم يذكر الله تعالى أسماءه الحسنى كلها لفظا إنما ذكر عبارات تندرج تحتها جميع أسماء الله الحسنى وتحمل معانيها كما ترى أدناه
نص آية الكرسي:
﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ الحَيُّ القَيّومُ لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَومٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ مَن ذَا الَّذي يَشفَعُ عِندَهُ إِلّا بِإِذنِهِ يَعلَمُ ما بَينَ أَيديهِم وَما خَلفَهُم وَلا يُحيطونَ بِشَيءٍ مِن عِلمِهِ إِلّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَّماواتِ وَالأَرضَ وَلا يَئودُهُ حِفظُهُما وَهُوَ العَلِيُّ العَظيمُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]

أسماء الله الحسنى الموجودة في آية الكرسي

اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فهو الواحد الأحد الحق الصمد السلام المؤمن القدوس الأول الآخر الظاهر الباطن ذو الجلال والإكرام النور الهادي

الحَيُ القَيُّوم فهو الخالق البارئ المصور المبدئ المعيد المحيي المميت الواجد الباعث

لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَومٌ فهو السميع البصير الرقيب المجيب

لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرض فهو الملك المهيمن العزيز الجبار المتكبر الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل الحكم العدل الحليم الغفور الشكور الكبير المقيت الجليل الكريم الودود المجيد الوكيل الولي المحصي المنتقم مالك الملك المقسط الجامع الرشيد الصبور

مَن ذَا الَّذي يَشفَعُ عِندَهُ إِلّا بِإِذنِهِ فهو المقدم المؤخر القادر المقتدر الوالي البر التواب العفو الرءوف المانع الضار النافع

يَعلَمُ ما بَينَ أَيديهِم وَما خَلفَهُم وَلا يُحيطونَ بِشَيءٍ مِن عِلمِهِ إِلّا بِما شاءَ فهو العليم الحكيم الحسيب الخبير اللطيف الشهيد

وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَّماواتِ وَالأَرضَ فهو الواسع الرحمن الرحيم الغني المغني الحميد

وَلا يَئودُهُ حِفظُهُما فهو الحفيظ القوي المتين

وَهُوَ العَلِيُّ وهو المتعالي الماجد

وهو العَظيمُ وهو البديع الباقي الوارث

والله أعلم. والحمد لله رب العالمين.