الأحد، 23 يونيو 2019

يَتَنازَعونَ

﴿يَتَنازَعونَ فيها كَأسًا لا لَغوٌ فيها وَلا تَأثيمٌ﴾ [الطور: ٢٣]

ماذا يتنازعون؟ أظن أنهم من فرط سرورهم يلعبون بالكؤوس لعب السكرانين بدون لغو أو تأثيم ... ما معنى هذا الكلام؟ يتنازعون في الجنة كأسا، لا لغو في الجنة ولا تأثيم أي لا يؤثم بعضهم بعضا فكلهم على صواب بلا خطيئة ولا خطأ ... التنازع يعني قصص وحكايات وإلا فما هو القصص ... إنه تنازع يدور بين أشخاص القصة هذا يفعل كذا وهذا يرد بكذا وذاك يتفاعل بكذا ... هذا هو التنازع الذي يعطي القصة جمالها ... أنظر ماذا يتنازعون في الجنة وما هي قصصهم فيها وانظر إلى الناس في الدنيا ماذا يتنازعون وما هي قصصهم فيها؟ إقرأ سورة يوسف لترى شكل النزاع بين الناس ... بين الأخوة ... بين أفراد المجتمع ... نزاع يعني قصص وهذا هو قصصهم في الجنة، فسبحان الله العظيم.

الأحرف المقطعة في فواتح السور

الأحرف المقطعة في فواتح السور يريد الله تعالى أن يقول أن سر قوة القرآن من كل النواحي التأثيرية هي في تركيب الأحرف وتوضعها داخل الكلمات وتوضع الأحرف داخل الجمل التي تتكون منها الآيات وتوضع الأحرف داخل الآيات وليس في الكلمات فالوحدة واللبنة الأساسية في القرآن هي حروفه وليس كلماته أو جمله أو آياته مع أن كلماته تتركب بطريقة إعجازية من أحرفه وجمله تتركب بطريقة إعجازية من كلماته وآياته تتركب بطريقة إعجازية من جمله، لكن القوة التأثيرية في كلام الله كله هي في أحرفه فقط. فسبحان الله العظيم

فتنطق بالحكمة

أحرف القرآن التي تكون كلماته وجمله تتغلغل في مخيلتك وتفكيرك وتحرر تشابك وتداخل أفكارك فتجعل أفكارك واضحة جلية لا خلل فيها ولا وهم ولا لبس فتصلح منطقك فتنطق بالحكمة ... هذا يتأتى بمداومة تلاوة القرآن الكريم باستمرار ليلا ونهارا، هذا بجانب زكاة نفسك وطهارتها التي تفعلها القراءة المستمرة.

الكل يستجاب له

ما هذا الذي كان يفعله الأنبياء فيستجاب لهم وهو في وسعهم وليس في وسعنا؟ ما الذي كان يفعله أيوب عليه السلام ليبعث له أحبابه بعد موتهم بمعجزة عظيمة جدا؟ أليس من حق كل مؤمن يرفع يديه إلى السماء أن يستجاب له إذا حقق شروط الإستجابة؟ الجواب: بلى! الكل يستجاب له ولكن بعد حين فعلى الداعي الصبر حتى تمتلئ حصالة الدعاء، فإذا امتلأت من التكرار الكثير للدعاء كانت الإستجابة بإذن الله تعالى. وكذلك كل واحد منا ممتلئ بالشهوات ويدعو، وأيوب عليه السلام كان ممتلئ بالعذاب ويدعو وهناك فرق فالممتلئ بالعذاب يدعو بإخلاص والممتلئ بالشهوات إخلاصه في دعائه ناقص. والأنبياء كانوا مخلصين لله أكثر من غيرهم فقد كان وقتهم كله لله ليس مثل غيرهم الذين يعطون القليل من وقتهم لله تعالى فكان حريا أن يستجاب لهم فورا وبمعجزات. فسبحان الله العظيم.

الحب

إذا أردت أن تعرف ما هو شعور المغناطيس نحو الحديد مع أنه حديد مثله وشعور الحديد نحو المغناطيس فاسأل عن شعور الرجل نحو المرأة وشعور المرأة نحو الرجل ... لقد أخذ الله تعالى انجذاب المغناطيس للحديد والحديد للمغناطيس وجعله في الماء وخلق من الماء الرجل والمرأة وظل الإنجذاب في الماء بين الرجل والمرأة فهذا هو الحب! لقد أخذ الله تعالى المعاني الموجودة في الطبيعة وجعلها في الماء فإذا به يعلو وينخفض ويهيج ويموج وينجذب وينفر ويصلُح ويفسُد ويغيض ويفيض ويقبض ويبسط ... وخلق الإنسان منه فنرى العاشق والمعشوق ونرى المتكبر والمتواضع ونرى الكريم والبخيل ونرى المصلح والمفسد ... وهكذا.

الحمير

﴿وَاقصِد في مَشيِكَ وَاغضُض مِن صَوتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصواتِ لَصَوتُ الحَميرِ﴾ [لقمان: ١٩]

هؤلاء الكفار الذين يتكلمون للناس بخبث ونجاسة يريدون أن يمرروا أفكارهم المعادية لدين الله أصواتهم هي أنكر الأصوات وبذلك هم حمير فإن أنكر الأصوات هو صوت الحمير!

البشارة

﴿وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾ [الحجر: ٩٩]
الدُّعاءُ هوَ العبادةُ ثمَّ قال وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
الراوي : النعمان بن بشير.
المحدث : الترمذي.
المصدر : سنن الترمذي.
الصفحة أو الرقم: 3247.
خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.
التخريج: أخرجه أبو داود (1479 )، والترمذي (2969 )، وابن ماجة (3828 ).

معنى الآية "وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ"
"الدعاء هو العبادة" أي ادع ربك حتى يبلغ الدعاء منتهاه وتكون الإجابة ولا تتوقف لأنه عبادة فإجابة الدعاء يقينية لأن الدعاء لا بد أن يستجاب سواء كان الدعاء للدنيا أو للآخرة فمن دعا بالرزق أستجيب له ومن دعا بالجنة دخلها فإن مت قبل الإجابة فحسناته لك بعد الموت وهذا يقين وحق وصدق فالدعاء لا يضيع وهذا يقين فما أجمله من وعد وما أجملها من بشارة، من دعا للدنيا نالها ومن دعا للآخرة نالها ومن دعا للدنيا والآخرة نالهما، فماذا تريد بعد ذلك، فقط ادع، فما أكرمه من رب بهذه البشارة. والحمد لله رب العالمين.

الأمراض الأخلاقية

﴿وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقطَعوا أَيدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ ۝ فَمَن تابَ مِن بَعدِ ظُلمِهِ وَأَصلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتوبُ عَلَيهِ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [المائدة: ٣٨-٣٩]

الأمراض الأخلاقية ليس منبعها مرض عضوي كما يقول أللا أخلاقيون فيقولون هو مرض في المخ فعلاجها الحد الشرعي ألذي يؤدي إلى علاج هذا المرض من جذوره، وهو في واقعه ليس مرض بل هو على الحقيقة ظلم كما هو واضح في الآية الكريمة والله تعالى أعلم.

إذا للكثرة وإن للقلة

﴿فَإِذا جاءَتهُمُ الحَسَنَةُ قالوا لَنا هذِهِ وَإِن تُصِبهُم سَيِّئَةٌ يَطَّيَّروا بِموسى وَمَن مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُم عِندَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمونَ﴾ [الأعراف: ١٣١]

إذا للكثرة وإن للقلة فالله تعالى يعطي الكثير ويمنع القليل حتى لأعدائه فسبحان الله العظيم

ظُلَلٌ مِنَ النّارِ

أقسى وأرعب وأرهب ما رأيتم على الأرض في حياتكم الدنيا كارتجاج الأرض بالزلازل والإنفجارات البركانية النارية السوداء والظلمة المرعبة سترونه في جهنم "﴿لَهُم مِن فَوقِهِم ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِن تَحتِهِم ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقونِ﴾ [الزمر: ١٦]"
﴿لَهُم مِن جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِن فَوقِهِم غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجزِي الظّالِمينَ﴾ [الأعراف: ٤١]

المادة المظلمة


شاهد الفيديو أولا ثم تابع
هم يثبتون بالدليل القاطع أن المادة المظلمة موجودة ولكن مشكلتهم أنهم لا يرونها بتلسكوباتهم فلا أدري ما المشكلة ... المادة موجودة وهي نجوم ذهب ضوؤها وكواكب تدور حولها مظلمة كباقي الكواكب ... لقد وصف الله تعالى هذه الحالة في كتابه الكريم فقال "﴿فَإِذَا النُّجومُ طُمِسَت﴾ [المرسلات: ٨]" طمست أي ذهب ضوؤها ... أي أن هناك نجوم تطمس ويذهب ضوؤها فلا ترى ولكن كتلتها ومادتها موجودة وحتى مجرات كاملة تكون بردت وذهب ضوؤها فما المشكلة ... فتراهم يذهبون إلى تخيلات مثل وجود جسيمات جديدة غير معروفة، ما هذا الهراء!

الاثنين، 17 يونيو 2019

ماذا كان يدفع الرسول عليه السلام لهم؟

﴿وَإِذ قالَت طائِفَةٌ مِنهُم يا أَهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم فَارجِعوا وَيَستَأذِنُ فَريقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقولونَ إِنَّ بُيوتَنا عَورَةٌ وَما هِيَ بِعَورَةٍ إِن يُريدونَ إِلّا فِرارًا﴾ [الأحزاب: ١٣]

الرئيس والمرؤوس في كل زمان ومكان. فالرئيس يدفع لمرؤوسيه لينفذوا أوامره، فماذا كان يدفع الرسول عليه السلام لهم؟ أم يأمرهم وينهاهم تسلطا بلا مقابل؟ كلا! لقد كان ينفق من الغنائم على الجميع حتى الأغنياء منهم "﴿يَحلِفونَ بِاللَّهِ ما قالوا وَلَقَد قالوا كَلِمَةَ الكُفرِ وَكَفَروا بَعدَ إِسلامِهِم وَهَمّوا بِما لَم يَنالوا وَما نَقَموا إِلّا أَن أَغناهُمُ اللَّهُ وَرَسولُهُ مِن فَضلِهِ فَإِن يَتوبوا يَكُ خَيرًا لَهُم وَإِن يَتَوَلَّوا يُعَذِّبهُمُ اللَّهُ عَذابًا أَليمًا فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَما لَهُم فِي الأَرضِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ﴾ [التوبة: ٧٤]"!

منطق قوي

﴿قالوا أَأَنتَ فَعَلتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبراهيمُ ۝ قالَ بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ ۝ فَرَجَعوا إِلى أَنفُسِهِم فَقالوا إِنَّكُم أَنتُمُ الظّالِمونَ ۝ ثُمَّ نُكِسوا عَلى رُءوسِهِم لَقَد عَلِمتَ ما هؤُلاءِ يَنطِقونَ﴾ [الأنبياء: ٦٢-٦٥]

هكذا فاجأهم بمنطق قوي وشككهم في معتقدهم ولبثوا وقتا يفكرون في معتقدهم وعادوا فأقنعوا أنفسهم بأي شيء باطل وردوا عليه حجته ... هكذا يكون المعتقد: صعبٌ التخلي عنه، حتى باللف والدوران يريدون عدم إبطال معتقدهم!

إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ

إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقَارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ.
المزيد
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 39.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

تجده ينقص في العبادة أو يفسر الأوامر الربانية بتفسيرات لييسر بها على نفسه ثم يقول لك إن الدين يسر ... نعم إن الدين يسر كما هو ليس بالإنقاص منه أو جعل ما ليس منه منه مثله مثل المريض الذي ينقص من الجرعة التي وصفها له الطبيب ويقول هذه الجرعة تكفي فالطبيب يبالغ، فبالنتيجة لن يشفى من مرضه، أو كالذي يفرشي ظاهر أسنانه ولا يفرشيها من العمق ويقول لا بأس وبالنتيجة أن أسنانه ستتسوس ... هكذا الدين، تستطيع التيسير على نفسك بما سمح به الدين وليس من عند نفسك، فأنت لا تعلم ماذا وراء الأوامر الربانية من حكمة وإحكام ... فليتق الله هؤلاء!

الحسنات

في الدنيا لو أخ غني له أخ فقير فسيعطيه من نقوده ليستر نفسه، لماذا يعطيه من نقوده وهي صنو نفسه؟ الجواب لأنه أخوه فما معنى أخوه لو أردنا تحليلها هو قريبه وهو حبيبه وهو ستره وهو إن احتاج سنده وهو من لحمه ودمه ... كل واحد من هذه الأشياء يمكن تحويله إلى مادة أساسية واحدة نسميها حسنات فكل ما ذكر حسن فأنت حين تعطي أخيك من مالك الذي هو قطعة منك لأنك تحبه فقد أعطيته من حسناته عندك - فأنت حين تقيم الأخوة تعطي كل سبب مجموعة من الحسنات فالحب ١٠٠ حسنة والستر ٢٠٠ حسنة والسند ١٥٠ حسنة واللحم والدم ٣٥٠ حسنة فمجموع قيمة أخيك عندك تساوي ١٠٠+٢٠٠+١٥٠+٣٥٠=٨٠٠ حسنة لا تزيد ولا حسنة واحدة لأننا حولنا المشاعر والهبات والواجبات إلى حسنات فلم نترك شيئا، وهذا هو مكيال الأخوة تكيل به لأخيك أخوته فتملأه مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أكثر كما تشاء، لذلك تجد الله تعالى يحول كل أنواع الأعمال الصالحة إلى شيء واحد مهما كان العمل الصالح وهو الحسنات، فالحسنات شكلها وملمسها واحد مع أن مصدرها متنوع كالصلاة والزكاة والصيام مثل المادة المختلفة الأشكال والأنواع وبنيتها الدقيقة بروتونات والكترونات ...

هلوع

﴿إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا ۝ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعًا ۝ وَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنوعًا ۝ إِلَّا المُصَلّينَ ۝ الَّذينَ هُم عَلى صَلاتِهِم دائِمونَ ۝ وَالَّذينَ في أَموالِهِم حَقٌّ مَعلومٌ ۝ لِلسّائِلِ وَالمَحرومِ﴾ [المعارج: ١٩-٢٥]

هل المؤمن المصلي هلوع في الآخرة فلا يعطي أحدا من حسناته الكثيرة جدا حتى ولو كان أباه أو أمه أو أخاه إذا رآه محتاجا وقد يدخل النار إذا كان ليس لديه حسنات؟ هل المؤمن الكريم في الدنيا بخيل في الآخرة ولو على أحبابه؟ ألا يحز في النفس ذلك؟ أترك من أحب يدخل النار وأنا لدي ما ينقذه؟ ... قال تعالى "﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى وَإِن تَدعُ مُثقَلَةٌ إِلى حِملِها لا يُحمَل مِنهُ شَيءٌ وَلَو كانَ ذا قُربى إِنَّما تُنذِرُ الَّذينَ يَخشَونَ رَبَّهُم بِالغَيبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكّى فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفسِهِ وَإِلَى اللَّهِ المَصيرُ﴾ [فاطر: ١٨]" ... وهذا تفسير السعدي رحمه الله تعالى "أي: في يوم القيامة كل أحد يجازى بعمله، ولا يحمل أحد ذنب أحد. {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} أي: نفس مثقلة بالخطايا والذنوب، تستغيث بمن يحمل عنها بعض أوزارها {لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} فإنه لا يحمل عن قريب، فليست حال الآخرة بمنزلة حال الدنيا، يساعد الحميم حميمه، والصديق صديقه، بل يوم القيامة، يتمنى العبد أن يكون له حق على أحد، ولو على والديه وأقاربه. إنتهى كلام السعدي رحمه الله تعالى"
الوشائج بين الأهل ليست من أصل خلقة الإنسان بل هي كالمشيمة تغذي العلاقة بين الأم وطفلها فإذا خرج إلى الدنيا انفصل الطفل عنها وانفصل عن أمه وانفصلت عنه وألقي بالمشيمة بعيدا فالوشائج الأسرية والعلاقات البشرية كالمشيمة يلقى بها بعيدا يوم القيامة فلا يقول الأخ هذا أخي ولا يقول الصديق هذا صديقي مع كونهما مؤمنَيْن آمنَيْن فلا يعطي أحدهما الآخر حسنة، لماذا؟ الجواب: أولا، لا بد أن الله تعالى وضع قانونا لهذا الشيء فهو غير مسموح. وثانياً، أن أخذ الحسنات من أي أحد مؤلم جدا له كأنه اقتطاع من لحمه ومثله إلقاء السيئات عليه فهو كغرز السكاكين في لحمه الحي. وهذا معنى قوله تعالى "وَإِن تَدعُ مُثقَلَةٌ إِلى حِملِها لا يُحمَل مِنهُ شَيءٌ" فمعنى الآية أنه لا يمكن ومستحيل ربما لأن هناك قانون رباني بذلك ولصعوبته على النفس والبدن كما ذكرنا.

لَولا أَخَّرتَنا

﴿أَلَم تَرَ إِلَى الَّذينَ قيلَ لَهُم كُفّوا أَيدِيَكُم وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتالُ إِذا فَريقٌ مِنهُم يَخشَونَ النّاسَ كَخَشيَةِ اللَّهِ أَو أَشَدَّ خَشيَةً وَقالوا رَبَّنا لِمَ كَتَبتَ عَلَينَا القِتالَ لَولا أَخَّرتَنا إِلى أَجَلٍ قَريبٍ قُل مَتاعُ الدُّنيا قَليلٌ وَالآخِرَةُ خَيرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظلَمونَ فَتيلًا﴾ [النساء: ٧٧]

ليس هناك وقت للتأخير، فالمصلحة لكم ولدين الله تقتضي أن نبدأ من الآن فهذا وقتها، وقد مر زمن طويل بدون قتال فإلى متى؟ كالذي يبحث عن عمل فلما وجده قال لم الآن؟ الجواب إن لم تعمل الآن ستجوع.

الأشياء من البرمجة الشيئية

أجزاء الكون أشياء والأغراض منها أشياء وهي مرتبطة بعلاقة عديد إلى عديد فلا يمكن فصل أي شيء في الكون عن غرضه فهما شيئان مترابطان، وكذلك أجزاء الكون مادة والغرض ليس مادة وصاحب الغرض شيء هو الله مرتبط بالغرض بعلاقة واحد إلى عديد ... الكفار يرون الشيئين الجسد والغرض وينكرون أو لا يَرَوْن الغرض ويقولون وجد الشيء بالصدفة أو بالتطور فهل غرضه - وهو شيء آخر - وجد صدفة. هذا هو العمى الحقيقي. الشيء شيء وغرضه شيء فقد يقول قائل الشيء وجد صدفة فهل غرضه وجد صدفه وهو شيء آخر؟

مقاصد السور (المقياس)

عن أبي نَضْرةَ: حدَّثَني- أو قال: حدَّثَنا- مَن شَهِدَ خُطبةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمِنًى في وسَطِ أيَّامِ التَّشريقِ، وهو على بَعِيرٍ، فقال: يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ ربَّكُم عزَّ وجلَّ واحدٌ، ألَا وإنَّ أباكُمْ واحدٌ، ألَا لا فَضْلَ لعربيٍّ على عَجَميٍّ، ألا لا فَضْلَ لأَسْودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى، ألا قد بلَّغْتُ؟ قالوا: نعم, قال: لِيُبَلِّغِ الشَّاهدُ الغائبَ.
الراوي : من شهد خطبة النبي بمنى.
المحدث : ابن تيمية.
المصدر : اقتضاء الصراط المستقيم.
الصفحة أو الرقم: 1/412.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.

إذا ضرب مقياس على الناس تهمل جميع الأشياء الأخرى فتخرج من القياس ولا ينظر إليها فحين يضرب مقياس الفقر والغنى يتساوى الفقراء جميعا فقد يكون منهم العالم النابغة والجاهل والغبي والكبير والصغير فيكون هؤلاء كلهم سواسية فلا يفتخر أحد منهم بعبقريته أو علمه أو أصله حين يكون المقياس هو الفقر فالفقراء كلهم سواسية على مقياس الفقر، فكلهم فقراء ولكن يتفاوتون في فقرهم وبالمثل مقياس التقوى الذي ذكره الرسول عليه السلام أعلاه فالأتقياء سواسية بيض أو سود أو حمر يتفاضلون بالتقوى فلا فضل للأبيض على غيره بحضارته ولا للعربي بلغته ولا للجميل بجماله ولا للأديب بأدبه ولا للعالم بعلمه فالمقياس أيهم أتقى. وهكذا سور القرآن الكريم لو أخذنا كل سورة على حدة سنجد أن كل سورة لها مقياس واحد تقيس به كل ما تتكلم عنه وهو مقصدها!

الرزق

﴿إِنَّما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ أَوثانًا وَتَخلُقونَ إِفكًا إِنَّ الَّذينَ تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ لا يَملِكونَ لَكُم رِزقًا فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ وَاعبُدوهُ وَاشكُروا لَهُ إِلَيهِ تُرجَعونَ﴾ [العنكبوت: ١٧]

الرزق هو هَمُّ الناس منذ خلق الله تعالى آدم حتى يرث الله الأرض ومن عليها ومن أجله وأجل استعجاله عبدوا كل شيء فمنهم من عبد الله تعالى ومنهم من عبد الأولياء ومنهم من عبد الأصنام. الرزق شغل الناس الشاغل مخافة الجوع والفقر والحاجة، وحقيقة هذا شيء خطير ومهم لكل الناس وقد تعوذ الرسول عليه السلام من الجوع فقال عنه بئس الضجيع وتعوذ من الفقر وقرنه بالكفر وطلب الغنى فقال "اللهمَّ اكفِني بحلالِكَ عن حرامِكَ ، و أغنِني بفضلِكَ عمَّنْ سِواكَ". فلا حول ولا قوة إلا بالله.

الأحد، 16 يونيو 2019

فوائد مقاصد السور

حين تعلم أن السورة الفلانية تتكلم عن الموضوع الفلاني فقط فيجب أن تخاف وتطمع أن تعرف ماذا يقول لتحمي نفسك أو تسبق إلى كسب شيء معين قبل الآخرين فالله تعالى يتكلم فقط عن ذلك الموضوع هناك في تلك السورة ... لتقوي نفسك بما ستعلمه حين تتدبر السورة فأنت عندها وقعت على كنز الحكمة في ذلك الموضوع، فكل ما هو مطلوب منك التأمل العميق فقط لتخرج بفوائد عظيمة واستنتاجات عميقة تنفعك في دنياك وآخرتك ... إن معرفة مدار السورة يسهل عليك الوصول إلا ما تريد، ليس كمن لا يعرف مدارها ومغزاها وسرها ومحتواها وعبقها وعلمها وحكمتها وماهيتها وقوتها وهيبتها وعطاياها وهداياها ومنحها ونفعها وضرها وجبرها وجبروتها وعظمتها ورحمتها ومكانها ومكانتها وصفاتها ووصفها وأدائيتها وفيم تستخدم وماذا يستفاد منها وماذا يستخرج منها ويؤخذ وماذا تحيي فيك وتقتل في غيرك وكيف تشفيك وكيف تشقي غيرك ... وهكذا، فهي كلام الله تعالى الذي أحرف كلماته تشفي المريض وتدك الجبال وتحيي الموتى وتنفس الكربات وتبرد القلب وتشفي الغليل ... فالمقاصد ذلت مغازي مختلفة تتعلق بالله كالإيمان والكفر والذكر والشر والأحدية والصد والناس وحكم الله الآية والآيات والتزكية والعذاب والإنزال ... الفائدة الكبرى لمعرفة مقاصد السور هو الإجابة على التساؤلات التي تخص أي موضوع كان فالله تعالى يقول "ما فرطنا في الكتاب من شيء".

استقصاد

﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصّابِرينَ﴾ [البقرة: ١٥٥]

هذا تقرير واقع وليس استقصاد بالبلاء للمؤمنين ولكن هكذا أحوال الناس بشكل عام وليس المؤمنون فقط ولكن المؤمنين أقل، وهذا من رحمة الله بهم، فهو استقصاد بالتقليل "بشيء"، فهم أقل بلاءً من عامة الناس. والحمد لله رب العالمين.

لا لون ولا طعم ولا رائحة

الإنسان المخلوق من ماء لا لون له ولا طعم ولا رائحة يحس بأي تغير حوله في الطعم واللون والرائحة فإذا كان ما حوله ذو لون أو طعم أو رائحة طيبة عشقه ورغبه وإن كان غير ذلك نفر منه وكرهه فنفس الإنسان تسكن ماءه وهي التي بها الإحساس بما حولها ومقياسها الماء الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة، فكما أن مقياس ارتفاع وانخفاض الأرض هو نسبته إلى ارتفاع سطح البحر فإن مقياس النفس لأي شيء تتأثر به هو نسبته إلى الماء من حيث اللون والطعم والرائحة فأي تغير طفيف يؤثر فيها سلبا أو إيجابا.

ملعونة

﴿وَإِذ قُلنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنّاسِ وَما جَعَلنَا الرُّؤيَا الَّتي أَرَيناكَ إِلّا فِتنَةً لِلنّاسِ وَالشَّجَرَةَ المَلعونَةَ فِي القُرآنِ وَنُخَوِّفُهُم فَما يَزيدُهُم إِلّا طُغيانًا كَبيرًا ۝ وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ قالَ أَأَسجُدُ لِمَن خَلَقتَ طينًا ۝ قالَ أَرَأَيتَكَ هذَا الَّذي كَرَّمتَ عَلَيَّ لَئِن أَخَّرتَنِ إِلى يَومِ القِيامَةِ لَأَحتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلّا قَليلًا ۝ قالَ اذهَب فَمَن تَبِعَكَ مِنهُم فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُم جَزاءً مَوفورًا ۝ وَاستَفزِز مَنِ استَطَعتَ مِنهُم بِصَوتِكَ وَأَجلِب عَلَيهِم بِخَيلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكهُم فِي الأَموالِ وَالأَولادِ وَعِدهُم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا ۝ إِنَّ عِبادي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكيلًا﴾ [الإسراء: ٦٠-٦٥]

شجرة ملعونة أي ملعونة بذاتها لا خير فيها فشكلها خبيث وثمرها خبيث وورقها خبيث وكل ما يخرج منها خبيث لا يأكل منها إلا خبيث عدو لله فهي لعنة على آكلي كل ما يؤكل منها فهي مخيفة، فشكلها وما يخرج منها مؤذ وممرض ومهلك فلا خير فيها وهكذا كل ملعون فليس فيه ذرة خير فكل ما يتعلق به خبيث فشكله خبيث وكلامه خبيث وعمله خبيث واتِّبَاعُه خبث وصوته خبيث وجَلَبِه خبيث وخيله خبثاء ورجله خبثاء وشراكته في المال والولد خبيثة فالمال خبيث والولد خبيث ووعده خبيث، ومثاله إبليس اللعين فكيف يطاع؟ وتأكيدا لما ذكرناه أعلاه من معنى اللعن قصة المرأة التي لعنت ناقتها وهذا نصه "بيْنَما رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَامْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ علَى نَاقَةٍ، فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذلكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: خُذُوا ما عَلَيْهَا وَدَعُوهَا، فإنَّهَا مَلْعُونَةٌ. قالَ عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَرَاهَا الآنَ تَمْشِي في النَّاسِ، ما يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ. إلَّا أنَّ في حَديثِ حَمَّادٍ: قالَ عِمْرَانُ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهَا، نَاقَةً وَرْقَاءَ. وفي حَديثِ الثَّقَفِيِّ: فَقالَ: خُذُوا ما عَلَيْهَا وَأَعْرُوهَا، فإنَّهَا مَلْعُونَةٌ.
الراوي : عمران بن الحصين.
المحدث : مسلم.
المصدر : صحيح مسلم.
الصفحة أو الرقم: 2595.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]." فحينما أصبحت هذه الناقة ملعونة أصبح لحمها خبيث ممرض وقاتل ولبنها مثله والركوب عليها أصبح خطيرا فالأولى أن تطلق ولا تستخدم في شيء. والحمد لله رب العالمين.

المعتقد يؤثر في السلوك

﴿وَقُلِ الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي لَم يَتَّخِذ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ وَلَم يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرهُ تَكبيرًا﴾ [الإسراء: ١١١]

المعتقد يؤثر في السلوك أيضا مثلما السلوك يؤثر في المعتقد، فذكر الله يزيدك من الطاعة والتعبد وإلا فلماذا نؤمر بذكر الله كثيرا؟

المواهب

ترى كثيرا من الناس الأميين يتكلم فتجد كلامه حكمة، وعنده قدرة عجيبة على التحليل فتقول في نفسك لو تعلم هذا! وتجد كثيرا من الناس المتعلمين كلامهم حكمة وكلهم عقل وقدرة ولكن شغلتهم ذريتهم ودنياهم فلم يتفرغوا لعلمهم وحكمتهم فضاعوا وسط الزحام ... الناس كلهم مواهب ولكن حكمة الله تعالى اقتضت أن تبقى كثير من المواهب في الظلام ويظهر القليل إلى النور لأن هذا القليل يكفي الجميع والله تعالى كل شيء عنده بمقدار!

الأحداث والغرض

الأحداث واضحة والغرض مخفي ... هكذا يتعامل الله مع البشر فيمنح الله تعالى عبده منحة يفرح بها ولكن لا يدري ما وراءها ولماذا هي، ويبتلي الله العبد بمصيبة يتألم بها ولكن لا يدري لم هي وقد يكون أقصى ما يصل إليه العبد في تفسيره هو تخمينات وتوقعات ولكن الأسباب عند الله والغرض مخفي فسبحان الله العظيم.

وَيُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمينَ

مالذي جعل قابيل يتمسك بجثة أخيه بعد أن قتله ويحملها على كتفيه؟ ألم يكن من السهل عليه ترك جثته في مكانها والذهاب عنها؟ هكذا يضل الله تعالى الظالمين.
مالذي أوقع فرعون في تحدي موسى حين أظهر له آية العصا حين تحولت إلى ثعبان؟ ألم يكن أهون عليه أن يطرده من مجلسه ويأمره ألّا يعود وهو يعلم أن موسى وقومه مستضعفون على أرضه لا يقدرون على فعل شيء، أو أن يضرب عنقه وعنق أخيه؟ هل تملكه الذهول فلم يعد يفكر؟ بل أظنه الكبر، فما أغبى الكبر! لقد كان لفرعون الكثير من الخيارات التي في صالحه مع موسى عليه السلام وقومه ولكن لم يقم بفعل أيٍ منها وظل الله تعالى يستدرجه حتى أهلكه وقومه. هكذا يضل الله تعالى الظالمين.

توقع المعجزات

﴿فَاستَجَبنا لَهُ فَكَشَفنا ما بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيناهُ أَهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم رَحمَةً مِن عِندِنا وَذِكرى لِلعابِدينَ﴾ [الأنبياء: ٨٤]

حين يستجيب الله تعالى لدعائك فلا تقل سيفعل لي شيئا عاديا فيه حل لمشكلتي ولكن توقع المعجزات فيقلب القوانين ويضرب أمم ببعضها ويحي الموتى ويرفع البلاء مهما كان كل هذا لك أنت أيها الداعي الضعيف الذي لا حول له ولا قوة ... حين تدعو الله تعالى توقع المعجزات! هذا أيوب في شدة ضعفه يدعو الله فيعيد له شبابه وصحته ويعيد له أهله الأموات ويرزقه مثلهم معهم فأي معجزات هذه التي كانت استجابة لدعاء عبد من عباد الله، فسبحان الله العظيم.

الإرادة في القلب

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَجيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسولِ إِذا دَعاكُم لِما يُحييكُم وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ يَحولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرونَ﴾ [الأنفال: ٢٤]

الإرادة في القلب فالله يحول بينك وبين إرادتك فتجد أفعال الإنسان نابعة من قلبه فإذا أراد شيئا فعله فالآمر هو القلب والمنفذ هو العقل الذي يحرك الجوارح بما يمليه عليه قلبه فأول ما يصدر الأمر يكون من القلب ثم يليه العقل للتنفيذ.

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً منَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً منَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ

كالحائط الذي يريد أن ينقض، الفؤاد يهوي فهو أراد ثم هوى فهو حر وهو حي ليس كالحائط مقيد بمادته وهو جماد. وهي أفئدة المؤمنين حين يسمعون نداء الحج يمشون في الأرض وقلوبهم متجهة إلى مكة ومشاعرهم تدفعهم دفعا إلى البيت الحرام فهي تهوي نحو مكة حتى يصلوا إليها فتكون قد وصلت إلى آخر هاويتهم ومستقرها فتستقر أنفسهم وتهدأ ... كلمة واحدة لا تفسر إلا هكذا.

مِثلَها

﴿مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجزى إِلّا مِثلَها وَمَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولئِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ يُرزَقونَ فيها بِغَيرِ حِسابٍ﴾ [غافر: ٤٠]

مثلها أي من نوعها فمن سرق تقطع يده وهذا مثلها فلا يجلد مثلا ومن قتل يقتل فهذا مثلها ومن تلذذ بالزنا يعذب بالجلد أو بالرجم وهذا مثلها ومن كذب يعاقب بالتكذيب والتحقير وهكذا
﴿وَكَتَبنا عَلَيهِم فيها أَنَّ النَّفسَ بِالنَّفسِ وَالعَينَ بِالعَينِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُروحَ قِصاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ وَمَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ﴾ [المائدة: ٤٥]

التدبر

ذلك الذي يقرأ القرآن تراه أمامك وهو يتعثر في سبل بعيدة عن مَرآك، وهي في مَرآه، يخرج من سبيل ليدخل في سبيل آخر ولسانه ينطلق بلا هوادة يقرأ آيات الله تعالى وكأنها لم تنزل من أجل نجاته، يقرؤها بجزء منه وأجزاؤه الأخرى تتفاعل مع السبل التي في مَرآه، مثله مثل الطالب الذي يستعد للإمتحان عينه على الكتاب وعقله وراء الباب، كيف سيكون أمام ورقة الأسئلة. فليرحمنا الله.

لَيُزْلِقُونَكَ

وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) سورة القلم
 
العين أنواع وليس فقط التي تصيب المرء بالمرض ولكن هناك الإزلاق الذي من أمثلته الوهم، الذي تتوهم به القريب بعيدا والبعيد قريبا، فتنزلق اليه دون شعور فتصدمه إن توهمته بعيدا وهو قريب، أو تسقط دونه إن توهمته قريبا وهو بعيد فحاولت الإستناد إليه مثلا!

أطراف المخلوقات

المخلوقات منهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ويزيد - أي أزواج - والطير تطير فقط بجناحين لأنها تعتمد في طيرانها على قوة الجناحين اللذين يدفعان الهواء فيرفعانها ولكن الملائكة أجنحتها كزعانف السمك مثنى وثلاث ورباع وزيادة فهي غالبا للتوجيه فالطيران في بحر النور لا يحتاج أجنحة قوية كأجنحة الطير لترفعها بقوة ولكن لتحريكها وتوجيهها كما تفعل الأسماك فهي تسبح بسهولة وليس كالطير تدفعها أجنحتها وترفعها فوسط الهواء رقيق ليس كوسط الماء الثقيل. فالسمك من ماء يتحرك في الماء والملائكة من نور تتحرك في النور أما الطير من ماء تتحرك في الهواء وهذا يحتاج لأجنحة كبيرة وقوية ليس كالسمك والملائكة والله تعالى أعلم.

وننزل من القرآن ماهو شفاء

القرآن هو الشفاء وليس القارئ هو الشافي، فالشخص كائنا من كان إذا قرأ آيات الشفاء نفعت بإذن الله فالسر في القرآن وليس في القارئ ... كذلك من المعلوم أن قراءة آيات الشفاء تأخذ وقتا لتفعل مفعولها وتحتاج إلى تكرار يوما بعد يوم، ولكن نرى بعض المعالجين بمجرد لمس مكان المرض والقراءة عليه يبرأ فوراً، فهل هناك آيات معينة للعلاج الفوري، أو هناك آيات إذا جمعت مع بعضها أدت الغرض، أو آيات وأدعية وأحاديث؟ أم تكرار الآيات والأدعية؟ نلاحظ أيضا أن لا حاجة للراقي أحيانا فسماع القرآن كسورة الرحمن يشفي دون راقي ... ولعل المقصود بالشفاء كل الشفاء ليس فقط الأمراض الجسدية بل النفسية الناتجة عن الضغط النفسي كالحزن والخوف والأخلاقية كالسرقة والزنا والكذب والقدرية كالمصائب والأحداث المؤلمة فقراءة آيات معينة يخلص من أمراض معينة سواء كانت جسدية أو نفسية أو أخلاقية أو قدرية، وبما أننا لا نعلم أي آيات لأي مرض فقراءة القرآن كاملا باستمرار يبعد الإنسان عن كل هذه الأمراض بأنواعها فسبحان الله العظيم.

البطل

البطل في الحرب الذي يلقي بنفسه في مهاوي الردى فينجو مرات ثم يقتل أخيرا مثله مثل البطل في السلم الذي يضع النظريات العلمية ويحققها ويجعل العلم يتقدم ويرتقي بالحضارة هو بطل مثل ذلك وأعظم، ومثله بطل الأبطال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هو أعظم مثال للبطولة بلا منازع فقد أخذ بزمام العالم وقاده إلى أرقى درجات الحضارة الخَلَّاقة الأخلاقية التي تصل الأرض بالسماء صلوا عليه وسلموا تسليما!

العسل

العسل نفسه ليس شفاء للناس ولكن فيه شفاء للناس بداخله ... أي بداخله مواد ذاتية منه تكون شافية وأماكن تستقبل المكونات الكيميائية الآتية من خارجه تحمل العلاج للأمراض والعسل هو الذي يحمل الشفاء ويعززه ويقويه وينقله إلى جسم المريض كالمواد الفعالة في الزنجبيل والليمون والقرفة والبنجر ... إلى آخره مثله مثل كلام الله فكلام الله فيه أحرف لأغراضها كالشفاء والسكينة مثل حرف الراء والميم والنون مثلا فهذه الأحرف بذاتها لا تفعل شيئا ولكن إن وجدت في كلام معين من كلام الله صار له أثر الشفاء، ولا نعرف كثيرا عن أثر الأحرف أنفسها وفائدتها في كلام الله، مثل الكيميائيات التي تضاف إلى العسل ليصبح شفاء لا نعرف الكثير عنها، فالعسل نفسه شفاء وناقل ومعزز ومعجل للشفاء وكلام الله تعالى ناقل للشفاء ونجهل الكثير عن هذين الموضوعين ولكن أثرهما في الشفاء ذكره الله تعالى في كتابه. يقول تعالى "﴿ثُمَّ كُلي مِن كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسلُكي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخرُجُ مِن بُطونِها شَرابٌ مُختَلِفٌ أَلوانُهُ فيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ﴾ [النحل: ٦٩]" أي في داخله أي في تصميمه وتركيبه بحيث يمكن تَوَضُّع المواد الشافية فيه وهو يعززها ويقويها وينقل أثرها للجسم بالإضافة إلى إمكانياته الذاتية، ولم يقل هو شفاء، أما القرآن فبعضه شفاء فقال عن هذا البعض هو شفاء وليس كالعسل بداخله شفاء قال تعالى "﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا﴾ [الإسراء: ٨٢]" فتَوَضُّع أحرفه في آيات الشفاء هو الشفاء وكذلك ليس كل ما نزل من القرآن هو شفاء للناس ولكن منه، أي بعضه، فهناك آيات معينة للشفاء وليس كل شيء فيه ينفع للشفاء، ولكن ماهي هذه الآيات؟ الجواب: هي ما جاءت بها أحاديث النبي الكريم عليه السلام وما اكتشفه علماء الرقية الشرعية بالتجربة، فالعسل قال الله تعالى عنه فيه شفاء أي طريقة تركيبه تساعد وتعزز وتعجل الشفاء بوجود مركبات ليست منه ومنه، ليس هو بذاته فقط، مثل القرآن، فالقرآن بداخله آيات معينة هي شفاء وليس كله، لذلك سمي العسل والقرآن بالشفائين، وليس كل ما فيهما. فسبحان الله العظيم.

فَلا تَكُن مِنَ القانِطينَ

﴿قالوا بَشَّرناكَ بِالحَقِّ فَلا تَكُن مِنَ القانِطينَ ۝ قالَ وَمَن يَقنَطُ مِن رَحمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضّالّونَ﴾ [الحجر: ٥٥-٥٦]

مهما كان الطلب والرغبة عند العبد الصالح من الله فلا يستكبر طلبه ولا يقنط من استجابة الله له فالله أكبر يقلب مجرى الكون ويغير الأحداث إلى غير وجهتها ليستجيب له.

الهمجي

نقول عن أعدائنا أنهم جبناء لا يستطيعون مواجهتنا ولكن الواقع أننا نحن الجبناء لأنهم يستطيعون باستخدام علومهم تحويل أجبن الجبناء إلى أشجع الشجعان فليس مهم إن كانوا بفطرتهم جبناء أو شجعان، المهم أنهم يستخدمون العلم لحل جميع مشكلاتهم ... أما نحن فنعتمد على فطرتنا في كل شيء فالجبان يبقى جبانا إلى الأبد والشجاع يبقى شجاعا إلى الأبد حتى يستخدموا علمهم معنا فيجعلون شجعاننا جبناء بعلمهم إلى الأبد، وينتصروا علينا، والمنتصر هو العلم، وعلى هذا فَقِس، ففي زمننا هذا من لا يسخر العلم لمصلحته فهو همجي.