الاثنين، 17 يونيو 2019

هلوع

﴿إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا ۝ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعًا ۝ وَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنوعًا ۝ إِلَّا المُصَلّينَ ۝ الَّذينَ هُم عَلى صَلاتِهِم دائِمونَ ۝ وَالَّذينَ في أَموالِهِم حَقٌّ مَعلومٌ ۝ لِلسّائِلِ وَالمَحرومِ﴾ [المعارج: ١٩-٢٥]

هل المؤمن المصلي هلوع في الآخرة فلا يعطي أحدا من حسناته الكثيرة جدا حتى ولو كان أباه أو أمه أو أخاه إذا رآه محتاجا وقد يدخل النار إذا كان ليس لديه حسنات؟ هل المؤمن الكريم في الدنيا بخيل في الآخرة ولو على أحبابه؟ ألا يحز في النفس ذلك؟ أترك من أحب يدخل النار وأنا لدي ما ينقذه؟ ... قال تعالى "﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى وَإِن تَدعُ مُثقَلَةٌ إِلى حِملِها لا يُحمَل مِنهُ شَيءٌ وَلَو كانَ ذا قُربى إِنَّما تُنذِرُ الَّذينَ يَخشَونَ رَبَّهُم بِالغَيبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكّى فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفسِهِ وَإِلَى اللَّهِ المَصيرُ﴾ [فاطر: ١٨]" ... وهذا تفسير السعدي رحمه الله تعالى "أي: في يوم القيامة كل أحد يجازى بعمله، ولا يحمل أحد ذنب أحد. {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} أي: نفس مثقلة بالخطايا والذنوب، تستغيث بمن يحمل عنها بعض أوزارها {لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} فإنه لا يحمل عن قريب، فليست حال الآخرة بمنزلة حال الدنيا، يساعد الحميم حميمه، والصديق صديقه، بل يوم القيامة، يتمنى العبد أن يكون له حق على أحد، ولو على والديه وأقاربه. إنتهى كلام السعدي رحمه الله تعالى"
الوشائج بين الأهل ليست من أصل خلقة الإنسان بل هي كالمشيمة تغذي العلاقة بين الأم وطفلها فإذا خرج إلى الدنيا انفصل الطفل عنها وانفصل عن أمه وانفصلت عنه وألقي بالمشيمة بعيدا فالوشائج الأسرية والعلاقات البشرية كالمشيمة يلقى بها بعيدا يوم القيامة فلا يقول الأخ هذا أخي ولا يقول الصديق هذا صديقي مع كونهما مؤمنَيْن آمنَيْن فلا يعطي أحدهما الآخر حسنة، لماذا؟ الجواب: أولا، لا بد أن الله تعالى وضع قانونا لهذا الشيء فهو غير مسموح. وثانياً، أن أخذ الحسنات من أي أحد مؤلم جدا له كأنه اقتطاع من لحمه ومثله إلقاء السيئات عليه فهو كغرز السكاكين في لحمه الحي. وهذا معنى قوله تعالى "وَإِن تَدعُ مُثقَلَةٌ إِلى حِملِها لا يُحمَل مِنهُ شَيءٌ" فمعنى الآية أنه لا يمكن ومستحيل ربما لأن هناك قانون رباني بذلك ولصعوبته على النفس والبدن كما ذكرنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق