الاثنين، 4 نوفمبر 2019

أَسلَمتُ مَعَ سُلَيمانَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ

﴿فَلَمّا جاءَت قيلَ أَهكَذا عَرشُكِ قالَت كَأَنَّهُ هُوَ وَأوتينَا العِلمَ مِن قَبلِها وَكُنّا مُسلِمينَ ۝ وَصَدَّها ما كانَت تَعبُدُ مِن دونِ اللَّهِ إِنَّها كانَت مِن قَومٍ كافِرينَ ۝ قيلَ لَهَا ادخُلِي الصَّرحَ فَلَمّا رَأَتهُ حَسِبَتهُ لُجَّةً وَكَشَفَت عَن ساقَيها قالَ إِنَّهُ صَرحٌ مُمَرَّدٌ مِن قَواريرَ قالَت رَبِّ إِنّي ظَلَمتُ نَفسي وَأَسلَمتُ مَعَ سُلَيمانَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ [النمل: ٤٢-٤٤]

دخلت مكانا غريبا عجيبا إذا بها ترى عرشها في طريقها وهي تسير في المكان، عرشها الذي يبعد عن هاهنا مسافة بعيدة، فما الذي أتى به؟ ثم تسير فإذا بها تمر بماء يجري فترفع ثيابها لتمر به فإذا به يجري تحت زجاج شفاف غاية الشفافية ... ما هذا المكان العجيب؟ أين أنا؟ ما هذا الملِك وما ملكه؟ لقد ذهلت عن نفسها وأقرت بأن هذا الرجل ليس رجلا عاديا بل هو نبي مرسل تدعمه السماء وليس ساحرا أو عابثا، فهتفت "رَبِّ إِنّي ظَلَمتُ نَفسي وَأَسلَمتُ مَعَ سُلَيمانَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ".

حتى ييأس العبد

لماذا تتأخر إجابة الدعاء حتى ييأس العبد؟ الجواب لنفس السبب الذي ينتظر المؤمنون لأجله دخول الجنة خمسين ألف سنة ... ألا ترى أنها سعادة ما بعدها سعادة أن تحصل على مرادك بعد تشوق ورغبة شديدة ... متعة الجنة تكون أشد ما تكون بعد حرمان شديد، وهكذا الدعاء، متعة إجابته تعظم كلما ازداد الإنتظار، وهذه إحدى حكم تأخر إجابة الدعاء حتى ييأس العبد، والحمد لله رب العالمين.

لماذا تريد قتل نفسك؟

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَأكُلوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ إِلّا أَن تَكونَ تِجارَةً عَن تَراضٍ مِنكُم وَلا تَقتُلوا أَنفُسَكُم إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُم رَحيمًا﴾ [النساء: ٢٩]

لماذا تريد قتل نفسك؟ للفقر؟ للحزن؟ للخوف؟ للمرض؟ للقدر؟ الله رحيم بك وكل هذا الذي أصابك سيفرجه عنك ولا تجد بعده إلا ما يسرك ويرضيك، فاصبر ولا تتعجل بقتل نفسك، فسيأتيك الفرج لا محالة، لأن الله تعالى أرحم بك من نفسك، فهو أرحم الراحمين.

تضمن به الجنة

﴿وَإِذا سَمِعوا ما أُنزِلَ إِلَى الرَّسولِ تَرى أَعيُنَهُم تَفيضُ مِنَ الدَّمعِ مِمّا عَرَفوا مِنَ الحَقِّ يَقولونَ رَبَّنا آمَنّا فَاكتُبنا مَعَ الشّاهِدينَ ۝ وَما لَنا لا نُؤمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الحَقِّ وَنَطمَعُ أَن يُدخِلَنا رَبُّنا مَعَ القَومِ الصّالِحينَ ۝ فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالوا جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَذلِكَ جَزاءُ المُحسِنينَ﴾ [المائدة: ٨٣-٨٥]

عمل واحد تعمله يلهمك الله تعالى فعله تضمن به الجنة مهما فعلت بعده ومهما عشت بعده ... إقرأ الآيات أعلاه ... قول طيب قالوه أرضى الله تعالى عنهم رضا لا سخط بعده أدخلهم به الجنة ... يصيبك الله تعالى بمصيبة فتصبر وتحتسب فيرضى الله تعالى عنك رضا لا سخط بعده مهما فعلت، أو فعل طيب تغفل عن عظمته عند الله تعالى يغفر لك به كل ذنب بعده، حتى لو تسخطت بعده أو اقترفت ذنوبا ... إنتهى ... لقد رضي الله تعالى عنك ... فإن أتتك مصيبة فاصبر واحتسب فقد تكون تلك المصيبة جنتك ورضا الله تعالى عنك الذي لا سخط بعده، وافعل الخير لعل الله تعالى يغفر لك به مغفرة ما بعدها غضب، والحمد لله رب العالمين.

الله تعالى لا يستقصد الناس

﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ لِيُذيقَهُم بَعضَ الَّذي عَمِلوا لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [الروم: ٤١]
﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]
﴿كُلُّ نَفسٍ بِما كَسَبَت رَهينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨]

ليس معنى ما كسبت أيديكم أي الذنب أو العمل ألذي يغضب الرب ولكن أي عمل خاطئ فالأخطاء البشرية هي التي تسبب المشاكل لدى الناس، فالله تعالى لا يستقصد الناس بالشر ولا يسلط بعضهم على بعض هكذا، ولكن الناس هم من يوقعون أنفسهم في المصائب بأخطائهم وهذا ما نسميه القدر، وقد تركهم الله تعالى ليفعلوا ما يشاءون دون تدخل منه لأنه استخلفهم في الأرض وتركها لهم، ولو تولاهم بنفسه لكانت حياتهم جميعا طيبة وسلسة بدون أي مشاكل على الإطلاق، فلا يصح أن يقال أن الله تعالى سلط على أحدٍ أحدٌ، إلا بذنب أو فساد، ويكون ذلك لحكمة خاصة وليس أمرا عاما "﴿إِلَّا الَّذينَ يَصِلونَ إِلى قَومٍ بَينَكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ أَو جاءوكُم حَصِرَت صُدورُهُم أَن يُقاتِلوكُم أَو يُقاتِلوا قَومَهُم وَلَو شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُم عَلَيكُم فَلَقاتَلوكُم فَإِنِ اعتَزَلوكُم فَلَم يُقاتِلوكُم وَأَلقَوا إِلَيكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُم عَلَيهِم سَبيلًا﴾ [النساء: ٩٠]" و "﴿وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسولِهِ مِنهُم فَما أَوجَفتُم عَلَيهِ مِن خَيلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ [الحشر: ٦]"، فلا نقول أن الله تعالى سلط الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا على المساكين الذين يعملون في البحر، وإلا فلم بعث لهم العبد الصالح ليخرق سفينتهم لينقذهم من جور الملك الظالم، ولكن كان ذلك قدرا عاما يصيب الجميع، ومثله الغلام الذي قتله العبد الصالح، فكانت ولادته لأبويه المؤمنين قدرا وليس تسلطا على أبويه، فكان لا بد أن يولد لهما وهذا قدرهما وليس تسلطا من الله تعالى، فقتله الله تعالى، ومثله الغلامين اليتيمين الذين كان أبوهما صالحا، فلم يكن تسلط أهل قريتهما عليهما تسلطا من الله تعالى عليهما، ولكن قدرا إجباريا عاما، فكان أن أنقذ لهما كنزهما من بين يدي أهل هذه القرية الظالمين.

وَلَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ

﴿قالَ رَبِّ بِما أَغوَيتَني لَأُزَيِّنَنَّ لَهُم فِي الأَرضِ وَلَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ﴾ [الحجر: ٣٩]

هذه الأخلاق موجودة عنده قبل أن يطرده الله تعالى من رحمته وربما كان يتحرق ليبرزها ويستخدمها ضد أعدائه وهاهو الآن يجد لها المتنفس مع العدو الذي ظهر له الآن: آدم عليه السلام، وبما أن الله تعالى يعلم خُلُق هذا الخبيث ومدى خبثه فكان لا بد من كشفه أمام نفسه وأمام الملائكة الكرام وأمام آدم عليه السلام وذريته فالله تعالى لم يظلمه إذ طرده من رحمته فهو يعلم خُلُقه وخبثه وهو فقط أظهرها وفجرها أمامه وأمام خلقه ليعلم الجميع مدى قبح سريرته وخبثه وأنه لم يظلمه إذ طرده من رحمته وأنه مستحق لذلك، نعوذ بالله تعالى من الخذلان.

بَلِ ادّارَكَ

﴿بَلِ ادّارَكَ عِلمُهُم فِي الآخِرَةِ بَل هُم في شَكٍّ مِنها بَل هُم مِنها عَمونَ﴾ [النمل: ٦٦]

بل ادارك أي أدرك علمهم بعضه بعضا فظهر تناقضه ومعارضته لبعضه البعض في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون فعلمهم جلب لهم الشك فيها والعمى عنها ولم يفدهم بشيء لتناقضه، وقوله سبحانه عن العلم أنه يدرك بعضه بعضا ليبين أن العلم عبارة عن أفكار منفصلة يمكن أن يدرك بعضها بعضا وليس شيئا جمَّا متماسكا لا يمكن عزل بعضه عن بعض، وظهور تناقض علمهم يدل على أن العلم قد يكون خاطئا فليس كل علم صائب، لأنه تعالى وصف علمهم بالعلم وذكر تناقضه ليدل على أن ليس كل علم صائب فقد تعلم شيئا تقتنع به وهو ليس صائبا بدليل قوله تعالى "﴿وَإِذا عَلِمَ مِن آياتِنا شَيئًا اتَّخَذَها هُزُوًا أُولئِكَ لَهُم عَذابٌ مُهينٌ﴾ [الجاثية: ٩]" فعلمه هنا وصفه تعالى بالعلم مع أنه غير صائب ولا سديد، فسبحان الله العظيم.

كلام مشفق

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تُطيعوا فَريقًا مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ يَرُدّوكُم بَعدَ إيمانِكُم كافِرينَ ۝ وَكَيفَ تَكفُرونَ وَأَنتُم تُتلى عَلَيكُم آياتُ اللَّهِ وَفيكُم رَسولُهُ وَمَن يَعتَصِم بِاللَّهِ فَقَد هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ۝ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ ۝ وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ ۝ وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ ۝ وَلا تَكونوا كَالَّذينَ تَفَرَّقوا وَاختَلَفوا مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ البَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُم عَذابٌ عَظيمٌ ۝ يَومَ تَبيَضُّ وُجوهٌ وَتَسوَدُّ وُجوهٌ فَأَمَّا الَّذينَ اسوَدَّت وُجوهُهُم أَكَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم فَذوقُوا العَذابَ بِما كُنتُم تَكفُرونَ ۝ وَأَمَّا الَّذينَ ابيَضَّت وُجوهُهُم فَفي رَحمَةِ اللَّهِ هُم فيها خالِدونَ ۝ تِلكَ آياتُ اللَّهِ نَتلوها عَلَيكَ بِالحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُريدُ ظُلمًا لِلعالَمينَ﴾ [آل عمران: ١٠٠-١٠٨]

كلام مشفق، والقرآن كله كلام مشفق، فسبحان الله العظيم.

هلا اطمأننت

الطفل الصغير لا يملك مالا ولا جاها ولا يملك من حطام الدنيا إلا ما وهبه له أبواه ومع ذلك لا يحمل هم شيء وقد حمل همه أبواه فهو مطمئن النفس أسلم نفسه لأبويه فربياه وكبراه وحمياه وعلماه ودبرا له أموره جميعها فما لنا لا نسلم أنفسنا لله وتطمئن قلوبنا بأنه سيدبر أمورنا كما يفعل الأب مع طفله وقد تكفل بذلك سبحانه ... فهلا اطمأننت؟

فَهَل أَنتُم مُنتَهونَ

﴿وَعَلَّمناهُ صَنعَةَ لَبوسٍ لَكُم لِتُحصِنَكُم مِن بَأسِكُم فَهَل أَنتُم شاكِرونَ﴾ [الأنبياء: ٨٠]
﴿وَلَقَد آتَينا لُقمانَ الحِكمَةَ أَنِ اشكُر لِلَّهِ وَمَن يَشكُر فَإِنَّما يَشكُرُ لِنَفسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ﴾ [لقمان: ١٢]
﴿إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهونَ﴾ [المائدة: ٩١]

لمن يقول أن قوله تعالى في شأن الخمر "فَهَل أَنتُم مُنتَهونَ" مخير بين أن ينتهي أو لا ينتهي نقول له قوله تعالى "فَهَل أَنتُم شاكِرونَ" أي لا بد أن تشكروا، فهل هنا لتأكيد خيار الشكر، فإما أن تشكروا وإما أن تكفروا، فلا بد أن يشكروا وإلا سيكفروا وليس هناك خيار ثالث لقوله تعالى "وَمَن يَشكُر فَإِنَّما يَشكُرُ لِنَفسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ"، فمعنى هل أنتم منتهون أي لا بد أن تنتهوا، فهل هنا ليس للتخيير بل لتأكيد خيار الإنتهاء، مثل قوله تعالى "﴿قُل إِنَّما يوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَهَل أَنتُم مُسلِمونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٨]"، فهل هنا لتأكيد خيار الإسلام، وإلا فهم كافرون، والحمد لله رب العالمين.

الأَرضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحونَ

﴿وَلَقَد كَتَبنا فِي الزَّبورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحونَ ۝ إِنَّ في هذا لَبَلاغًا لِقَومٍ عابِدينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٥-١٠٦]
كُنْتُ عِنْدَ مَسْلَمَةَ بنِ مُخَلَّدٍ، وَعِنْدَهُ عبدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ، فَقالَ عبدُ اللهِ: لا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا علَى شِرَارِ الخَلْقِ، هُمْ شَرٌّ مِن أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ، لا يَدْعُونَ اللَّهَ بشيءٍ إلَّا رَدَّهُ عليهم.فَبيْنَما هُمْ علَى ذلكَ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بنُ عَامِرٍ، فَقالَ له مَسْلَمَةُ: يا عُقْبَةُ، اسْمَعْ ما يقولُ عبدُ اللهِ، فَقالَ عُقْبَةُ: هو أَعْلَمُ، وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلُونَ علَى أَمْرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَالَفَهُمْ، حتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ علَى ذلكَ.فَقالَ عبدُ اللهِ: أَجَلْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ المِسْكِ مَسُّهَا مَسُّ الحَرِيرِ، فلا تَتْرُكُ نَفْسًا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنَ الإيمَانِ إلَّا قَبَضَتْهُ، ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عليهم تَقُومُ السَّاعَةُ.
الراوي : عبدالرحمن بن شماسة المهري.
المحدث : مسلم.
المصدر : صحيح مسلم.
الصفحة أو الرقم: 1924.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

ما دام على الأرض عباد صالحون فحتما ولا بد أن يرثوا الأرض ويحكموها ويصلحوها فليطمئن كل مؤمن وليصبر فهذا قانون رباني ولكن لو فرغت الأرض من العباد الصالحين كما سيكون في آخر الزمان فسيتركها لشرار الناس لتقوم عليهم الساعة كما في الحديث أعلاه.

نسرق ونستعبد

﴿أَفَلَم يَسيروا فِي الأَرضِ فَتَكونَ لَهُم قُلوبٌ يَعقِلونَ بِها أَو آذانٌ يَسمَعونَ بِها فَإِنَّها لا تَعمَى الأَبصارُ وَلكِن تَعمَى القُلوبُ الَّتي فِي الصُّدورِ﴾ [الحج: ٤٦]

نسرق ما تسمعه آذاننا، ونسرق ما تبصره أعيننا، بل ونستعبد آذاننا ونوجهها إلى ما نريد سماعه، ونستعبد أعيننا فنوجهها إلى ما نريد أن نبصره، وكذلك نستعبد أيدينا وأرجلنا وجلدنا ... إلخ، وذلك بتوجيه هؤلاء العبيد بالقلب والمخ، فالقلب يريد، فيفعل المخ ما يريده القلب، وهو ما نريده نحن، فالقلب هو نحن، وإرادتنا كامنة فيه، وهو ينطق بها، فسبحان الله العظيم.