الخميس، 14 أكتوبر 2021

العلم

 ﴿وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ وَبَوَّأَكُم فِي الأَرضِ تَتَّخِذونَ مِن سُهولِها قُصورًا وَتَنحِتونَ الجِبالَ بُيوتًا فَاذكُروا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ﴾ [الأعراف: ٧٤]


بناء القصور علم وفن عظيم ونحت البيوت في الجبال علم وفن عظيم ... علوم تعلمها هؤلاء وحذقوا فيها فامْتنَّ الله تعالى بها عليهم لكونها سبب من أسباب سعادتهم، فليحمد ابن آدم ربه على العلم الذي تعلمه وحذق فيه فكانت فيه سعادته، فهو كرم ومِنَّة من الله تعالى عليه كنعمة المال والبنين بل وأعظم، ففيه لذة عظيمة لا يجدها إلا من امتلكه، وكم من جاهل يفقده ولا يملكه، وبجهله يخسر ويُذَم، والحمد لله رب العالمين.

المعاملة بالمثل

 ﴿يَومَ يَقولُ المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ لِلَّذينَ آمَنُوا انظُرونا نَقتَبِس مِن نورِكُم قيلَ ارجِعوا وَراءَكُم فَالتَمِسوا نورًا فَضُرِبَ بَينَهُم بِسورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فيهِ الرَّحمَةُ وَظاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذابُ ۝ يُنادونَهُم أَلَم نَكُن مَعَكُم قالوا بَلى وَلكِنَّكُم فَتَنتُم أَنفُسَكُم وَتَرَبَّصتُم وَارتَبتُم وَغَرَّتكُمُ الأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الغَرورُ﴾ [الحديد: ١٣-١٤]


كان في مقدور الله تعالى أن يأمر ملائكته فتجرهم من رقابهم ليرجعهوهم إلى الوراء، ولكن المعاملة بالمثل، فهم في الدنيا كانوا يخادعون المؤمنين ويكذبون عليهم ويتلونون عليهم بكل لون ليوهمهوهم بأنهم معهم ومنهم زورا وبهتانا وظلما وتعديا، فكان من الله تعالى أنه يريد أن يذيقهم ما كانوا يفعلونه في المؤمنين من التلون والكذب والمخادعة، فيسلط عليهم ملائكته لخداعهم والكذب عليهم وهم في غنى عن ذلك، ولكن ذلك الفعل أنكى وأشد عليهم من لو أخذوهم من رقابهم إلى النار مباشرة، فالمعاملة بالمثل، فيا من تراوِغ في الدنيا سيُراوَغ بك في الآخرة، ويا من تبخل في الدنيا سيُبخل عليك في الآخرة، ويا من تأكل الحرام في الدنيا سيؤكل أجرك في الآخرة، ويا من تعبث بكرامة الناس في الدنيا سيُعبث بكرامتك في الآخرة، فسبحان الله العظيم.

تواصل لا انقطاع

 ﴿فَكَيفَ إِذا جَمَعناهُم لِيَومٍ لا رَيبَ فيهِ وَوُفِّيَت كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمونَ﴾ [آل عمران: ٢٥]


الدنيا أيام تكملها وتتلوها أيام الآخرة وما بينهما طرفة عين: لحظة الموت فقط، ثم انتباه فوري لما يليه فهي أيام تتلوها أيام ... تواصل لا انقطاع ... لقد خُلق الإنسان للخلود فلا شيء إسمه انقطاع ولا فَقْد، فلا يُنظر إلى الموت على أنه نهاية ... فلا يوجد نهاية، بل هي أيام تتلوها أيام تتلوها أيام ... هذا هو الخلود، فسبحان الله العظيم.

عقل فارغ

 خلق الله ابن آدم بعقل فارغ "﴿وَاللَّهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾ [النحل: ٧٨]" ولذلك يحتاج الإنسان أن يتعلم ويملأ هذا العقل ولذلك علم الله تعالى آدم الأسماء كلها "﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَى المَلائِكَةِ فَقالَ أَنبِئوني بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾ [البقرة: ٣١]"، ولكن مخلوقات الله الأخرى كالحشرات والطيور والوحوش والأسماك والجراثيم تأتي متعلمة بفطرتها فهي تعلم كل شيء يخص حياتها وما، ومن، يحيط بها فالحشرات والطيور تعلم أن للبيت الذي هم فيه أسرة لها رب وأفراد - وإلا كيف عرفت نملة سليمان إسم نبي الله سليمان حين قالت "لا يَحطِمَنَّكُم سُلَيمانُ"؟ - وتعلم كل ما يخصهم بالفطرة وتعلم ما ينفعها ويضرها، ولهذه الكائنات أسماء فنملة سليمان كان اسمها "صطاخية" وقيل "خرمى" وكذلك كل النمل والحشرات والطيور والوحوش، ويتواصلون بينهم بطرق مختلفة، وهي كائنات مدركة ومتعلمة بالفطرة، وهي أعلم من كثير من الناس ... إقرأ سورة النمل لترى كمّ العلم الموجود عند نملة سليمان وحكمتها وذكائها وكذلك الهدهد، فكم هو مغرور هذا الإنسان إذ يظن أنه أذكى الكائنات وهو أجهل من حمار، فالحمار عنده علم اكتسبه بفطرته أكثر من العلم ألذي اكتسبه ابن آدم بجهده وسهر الليالي، فسبحان الله العظيم.

رب زدني علما

 { وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ( ١١٣ ) فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ( ١١٤ ) ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ( ١١٥ ) وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ( ١١٦ ) فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ( ١١٧ ) إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ( ١١٨ ) وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ( ١١٩ ) فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ( ١٢٠ ) فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ( ١٢١ ) ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ( ١٢٢ ) قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ( ١٢٣ ) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ( ١٢٤ ) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ( ١٢٥ ) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ( ١٢٦ ) وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ( ١٢٧ ) } [سورة طه]


سورة طه تتكلم عن التذكرة والتذكير والآيات الكريمة أعلاه تتكلم عن نسيان العلم بسبب الهوى

التذكرة والتذكر ضده النسيان وآفة العلم النسيان، وقد أخذ آدم عليه السلام العلم كله ولكن حين ألهاه الشيطان بالطمع في الخلود والملك الذي لا يبلى نسي علمه كله فوقع في المحظور وأكل من الشجرة المحرمة، فالمؤمن مطلوب منه طلب العلم والإستزادة منه وأن يبقى متذكرا لعلمه كل وقته فلا ينساه فيقع في المناطق المظلمة التي قد نسيها بسبب هواه فتكون الكارثة التي وقعت لآدم عليه السلام، فنسيان العلم يكون بالإعراض عن تذكره في حينه ووقت حاجته بسبب الهوى فيكون الإنسان كالأعمى يتخبط، لا يصيب الحقيقة في الدنيا فتكون معيشته ضنكاً، ولا يفلح في الآخرة فيحشر خاسراً أعمى، وذلك الفعل لا يفعله إلا مسرف في جنب الله تعالى فالويل له، وأعظم تذكرة هي القرآن العظيم ولله الحمد والمنة على نعمة القرآن، فسبحان الله العظيم.

الله تعالى كله خير

 ﴿قُلِ الحَمدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذينَ اصطَفى آللَّهُ خَيرٌ أَمّا يُشرِكونَ﴾ [النمل: ٥٩]


من قصة الخضر مع موسى عليهما السلام نستنتج أن الله لا يريد للناس كلهم مؤمنهم وكافرهم إلا الخير وبالأخص المؤمنين منهم. إذا تأكد لك أن الله تعالى لا يريد للناس إلا الخير وأن كل فعله خير ويؤول إلى خير فقط أفلا تطمئن إلى أن الله تعالى لا يريد لك إلا الخير ولا يريد أن يضرك وأن نهاية أمورك كلها ستكون نهاية ترضى عنها لأن الله تعالى لا يريد لك إلا الخير، أفلا تطمئن أن أمرك كله لك خير خاصة أنك مؤمن؟ بلى فلله الحمد والمنة، فسبحان الله العظيم.

معهم بذاته

 ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ ما يَكونُ مِن نَجوى ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَلا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَلا أَدنى مِن ذلِكَ وَلا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِما عَمِلوا يَومَ القِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾ [المجادلة: ٧]


ما فائدة أن يكون الله تعالى معهم بذاته؟ يكفي أن يكون معهم بعلمه، وعلمه مطلق، فكأنه معهم بذاته يخبرهم يوم القيامة بأدق تفاصيل جلستهم تلك، ولكن هناك حالات يكون الله تعالى بذاته موجود مع بعض خلقه كما ورد في الحديث الصحيح "أتاني اللَّيلةَ ربِّي تبارَكَ وتعالى في أحسَنِ صورةٍ، قالَ أحسبُهُ قال في المَنامِ فقالَ: يا محمَّدُ هل تدري فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلى؟ قالَ: قلتُ: لا، قالَ: فوَضعَ يدَهُ بينَ كتفيَّ حتَّى وجَدتُ بَردَها بينَ ثدييَّ أو قالَ: في نحري، فعَلِمْتُ ما في السَّماواتِ وما في الأرضِ، قالَ: يا مُحمَّدُ، هل تدري فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلى؟ قلتُ: نعَم، في الكفَّاراتِ، والكفَّاراتُ المُكْثُ في المسجدِ بعدَ الصَّلاةِ، والمَشيُ على الأقدامِ إلى الجماعاتِ، وإسباغُ الوضوءِ في المَكارِهِ، ومن فَعلَ ذلِكَ عاشَ بخيرٍ وماتَ بخيرٍ، وَكانَ مِن خطيئتِهِ كيومِ ولدتهُ أمُّهُ، وقالَ: يا محمَّدُ، إذا صلَّيتَ فقل: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ فِعلَ الخيراتِ، وتركَ المنكراتِ، وحُبَّ المساكينِ، وإذا أردتَ بعبادِكَ فتنةً فاقبِضني إليكَ غيرَ مَفتونٍ
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 3233 | خلاصة حكم المحدث : صحيح" حتى وإن اختلف في أن الله تعالى أتاه في اليقظة أو في المنام فقد أتاه بذاته، فسبحان الله العظيم.

إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ

 { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ( ٣١ ) } [سورة القصص]


"وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ" وعد عزيز من الله الكريم بالأمن لموسى طيلة حياته مع كل ما سيتعرض له من أخطار قاتلة، وقد كان، فسبحان الله العظيم.

الشرك

 { لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ( ١١٨ ) } [سورة النساء]

ما أجهله وما أخبث ما نطق به، بهذا يكون قد شارك الله تعالى في ملكه فهو شريك لله تعالى في عبادة بعض خلقه، فما أعظمه من جرم لهذا الكافر وما أعظمه من جرم لمن عبده منهم من دون الله ... الويل لهم جميعاً من الله تعالى، نعوذ بالله تعالى من الخذلان، فسبحان الله العظيم.

العُجب بالعمل

 من صحيح الترمذي مما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي عليه السلام " ... مَن سرَّتْه حسنَتُه وساءَتْه سيِّئتُه فذلكم المؤمِنُ"، أي: ومِن علاماتِ الإيمانِ إذا أذنَبَ العبْدُ أنْ يَسوءَه ذلك الذَّنبُ، ويظلَّ نادِمًا يلومُ نفسَه على ارتِكابِه ذلك الذَّنبَ، وإذا فعَل قُرْبةً للهِ عزَّ وجلَّ يظَلُّ مَسرورًا بتوفِيقِ اللهِ له، وشاكِرًا للهِ على تثبيتِه وتوفِيقِه وهدايَتِه.

وهذا ردٌ على من يقول أن ذلك من العُجب المفسد للعمل، فأضيف وأقول: إذا لم تسرني حسنتي فلِم أفعلها؟ فأنا حين أصلي أكون مسروراً أني أطيع الله وحين أصوم كذلك وحين أتصدق وأقرأ القرآن وأذكر الله كذلك، فقد ذم الله تعالى من يفعل الحسنات مجبرا فقال "﴿وَما مَنَعَهُم أَن تُقبَلَ مِنهُم نَفَقاتُهُم إِلّا أَنَّهُم كَفَروا بِاللَّهِ وَبِرَسولِهِ وَلا يَأتونَ الصَّلاةَ إِلّا وَهُم كُسالى وَلا يُنفِقونَ إِلّا وَهُم كارِهونَ﴾ [التوبة: ٥٤]"، فسبحان الله العظيم.`

وَأَهلُها مُصلِحونَ

 ﴿وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهلِكَ القُرى بِظُلمٍ وَأَهلُها مُصلِحونَ﴾ [هود: ١١٧]


لن يُفقِرك وأنت تطيعه ولن يمنع عنك رزقه وأنت تطيعه، فسبحان الله العظيم.

الكفر

 لا يتكلم القرآن العظيم عن القتل والإجرام وأكل مال اليتيم والسرقة والزنا والعدوان وقبائح الأعمال والنفسيات بإسهاب وتكرار وتفصيل ولكنك تجدها في آيات محددة ومتناثرة في كتاب الله تعالى، ولكن تجد القرآن العظيم يمتلئ ويكرر بكثرة واستمرار وإسهاب وتفصيل عظيم عن الكلام في الكفر بالله ويعتبره أبو الذنوب وهو سببها ومسببها وكأن لا ذنب إلا هو، وغيرها يمكن مغفرته إلا هو ... قبائح الأعمال كالسرقة والزنا والقتل أمراض نفسية وعقلية فعلها يؤثر على القلب بنكت سوداء مظلمه قد تنتهي به إلى ما يفعله الكفر بعد وقت، ولكن الكفر مرض قلبي طاغٍ يستولي على القلب فلا يترك له متنفساً فيتركه أسود مظلماً منكوسا لا ينكر منكراً ولا يعرف معروفاً وقد فقد الإحساس السوي فصاحبه يزني ويقتل ويسرق ويأكل أموال الناس بالباطل بدمٍ باردٍ ويعتبره مكسباً لا يرى فيه بأساً، بعكس قلب المؤمن، فقلبه متيقظ مبصر ينكر المنكر وإن فعله ويعرف المعروف ويحب فعله فالنور يستولي عليه وإن فعل صاحبه بعض المنكرات، مع خطورتها على قلبه، لذلك تجد السواد الأعظم من آيات القرآن العظيم يسعى لإنهاء الكفر بالله تعالى من قلوب الناس بشتى طرق الإقناع والإغراء والتهديد والتخويف، فالكفر هو الخطر الأعظم على القلب، فمن يلقى الله تعالى بقلبٍ كافر فقد لقي الله تعالى بدون خيرٍ على الإطلاق فليس له إلا النار، فالحمد لله على نعمة الإيمان، فسبحان الله العظيم.

طريق الهداية

 ﴿وَأَمّا ثَمودُ فَهَدَيناهُم فَاستَحَبُّوا العَمى عَلَى الهُدى فَأَخَذَتهُم صاعِقَةُ العَذابِ الهونِ بِما كانوا يَكسِبونَ﴾ [فصلت: ١٧]


الله تعالى لا يُبين للناس طريق الهداية والضلال فقط ولا يَدَع الشيطان يغري الناس بطريق الضلال ولكن الله تعالى نفسه يغرى الناس بطريق الهداية فيُيَسِّر ويُسَيِّر من الصالحين في طريق عباده يغرونهم بطاعة الله تعالى، ويريهم من الرؤى الصالحة ما تطمئن به نفوسهم، فهناك نفوس تميل نحو فطرتها فتكون الهداية من نصيبها وهناك من تنجذب إلى الغواية وتستحب العمى على الهدى فتكون الضلالة من نصيبها، فسبحان الله العظيم

لَحافِظونَ

 ﴿إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ﴾ [الحجر: ٩]


يأبى الله إلا أن يكون كل الكلام مشكوكاً في صحته إلا كلامه وحده سبحانه حتى لو كان الكلام منسوباً إلى نبيه الكريم ... هذه حقيقة، فسبحان الله العظيم.

العظمة

 المواهب ليس لها وطن ولا دين ولا عرق، فقد يخرج القائد العظيم من قرية نائية فقيرة، وقد يخرج العالم العظيم من أب وأم أُمِّيَّين، كما تخرج الوردة اليانعة الجميلة من وسط الحطام، فالإنسان كائن ثمين وشعلة العظمة تُمنح لهذا الكائن بطريقة عشوائية في أماكن عشوائية على الأرض بلا تحديد، فلا الغني يلد غنياً ولا الزعيم يلد زعيما ولا العالم يلد عالماً فالغني قد يلد من يبدد ثروته بعد موته ليصبح معدماً، والمعدم قد يلد عبقريا يصنع المال صناعة، والزعيم قد يلد بُلَداء، والعالم قد يلد جهلاء، وهكذا، فسبحان الله العظيم.

كنود

 ﴿وَالعادِياتِ ضَبحًا ۝ فَالمورِياتِ قَدحًا ۝ فَالمُغيراتِ صُبحًا ۝ فَأَثَرنَ بِهِ نَقعًا ۝ فَوَسَطنَ بِهِ جَمعًا ۝ إِنَّ الإِنسانَ لِرَبِّهِ لَكَنودٌ ۝ وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهيدٌ ۝ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيرِ لَشَديدٌ ۝ أَفَلا يَعلَمُ إِذا بُعثِرَ ما فِي القُبورِ ۝ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدورِ ۝ إِنَّ رَبَّهُم بِهِم يَومَئِذٍ لَخَبيرٌ﴾ [العاديات: ١-١١]

﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ﴾ [الأنفال: ٣٣]

الكَنُودُ : اللَّوَّام لربه تعالى، يَذكُرُ المصيباتِ وينسى النِّعم، فهي صفة تدل على التسخط.
قوله تعالى "لَكَنودٌ" كنود صفة لازمة لدى الإنسان من ضمن صفاته، أقسم الله عليها كصفة لازمة للإنسان وكرر القسم، وهي ليست خاصة بالعصاة لأنه سبحانه ذكرها ولم يستثن منها أحداً في الآيات اللاحقة فهي صفة في المؤمنين وفي غير المؤمنين، فقد يتسخط المؤمن حال الغضب، وحالة الغضب لا يحاسب عليها أحد، حتى يعود إلى رشده، فهي كالجنون، فالحساب يكون على ما يقوله الإنسان وما يفعله وهو بكامل وعيه وإدراكه وهدوء نفسه، وما عدا ذلك فهو حالة عابرة ليست مقياسا لإيمان الإنسان ولا سببا في عقابه، فبمجرد عودة عقله إليه عليه أن يستغفر ربه والله غفور رحيم وليس عليه شيء، فهي ليست كبيرة من الكبائر، بل طبيعة بشرية تظهر حال الغضب، والله تعالى ليس ظالما فيهلك مؤمناً بسبب نزوة طبيعية عابرة ويترك طاعة المؤمن وعبادته له دهراً فيضيعها عليه فيجعله مع الكفار "﴿وَأَمَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفّيهِم أُجورَهُم وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ﴾ [آل عمران: ٥٧]"، فسبحان الله العظيم.

الميثاق

 ﴿لَقَد أَرسَلنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأَنزَلنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالميزانَ لِيَقومَ النّاسُ بِالقِسطِ وَأَنزَلنَا الحَديدَ فيهِ بَأسٌ شَديدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [الحديد: ٢٥]


هل رأيتَ شيئا بقسوة الحديد؟ فذلك الميثاق ... إقرأ سورة الحديد فهي تتكلم عن الميثاق، فما هو الميثاق الذي أخذه الله تعالى على خلقه؟ "﴿آمِنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ وَأَنفِقوا مِمّا جَعَلَكُم مُستَخلَفينَ فيهِ فَالَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَأَنفَقوا لَهُم أَجرٌ كَبيرٌ ۝ وَما لَكُم لا تُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَالرَّسولُ يَدعوكُم لِتُؤمِنوا بِرَبِّكُم وَقَد أَخَذَ ميثاقَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾ [الحديد: ٧-٨]" ... الميثاق هو الإيمان بالله ورسوله والإنفاق، فالإيمان بالله ورسوله تقسو وتصلب به النفوس في الحق والإنفاق تقسو به وتصلب بُنْيَةُ المجتمع فيصبح الناس والمجتمع كالحديد، فالحياة الدنيا بطبيعتها رخوة ممتعة لا كالحديد الذي مطلوب من الأمة المسلمة أن تكون مثله "﴿اعلَموا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَكونُ حُطامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَديدٌ وَمَغفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضوانٌ وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرورِ﴾ [الحديد: ٢٠]" ولا يفُتُّ في عضد الأمة الحديدية مثل النفاق فلتحذر الأمة من المنافقين أشد الحذر والويل لهم "﴿يَومَ يَقولُ المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ لِلَّذينَ آمَنُوا انظُرونا نَقتَبِس مِن نورِكُم قيلَ ارجِعوا وَراءَكُم فَالتَمِسوا نورًا فَضُرِبَ بَينَهُم بِسورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فيهِ الرَّحمَةُ وَظاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العَذابُ ۝ يُنادونَهُم أَلَم نَكُن مَعَكُم قالوا بَلى وَلكِنَّكُم فَتَنتُم أَنفُسَكُم وَتَرَبَّصتُم وَارتَبتُم وَغَرَّتكُمُ الأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الغَرورُ ۝ فَاليَومَ لا يُؤخَذُ مِنكُم فِديَةٌ وَلا مِنَ الَّذينَ كَفَروا مَأواكُمُ النّارُ هِيَ مَولاكُم وَبِئسَ المَصيرُ﴾ [الحديد: ١٣-١٥]"، والخشوع لله رأس الإيمان فإن فُقِد قست القلوب فتفقد الأمة صلابتها وقسوتها في الحق "﴿أَلَم يَأنِ لِلَّذينَ آمَنوا أَن تَخشَعَ قُلوبُهُم لِذِكرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلا يَكونوا كَالَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلُ فَطالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلوبُهُم وَكَثيرٌ مِنهُم فاسِقونَ﴾ [الحديد: ١٦]" ... هذا مقصد سورة الحديد، فسبحان الله العظيم.

التمحيص

 إذا كانت حياة الإنسان تمضي سلسة رتيبة لا مشاكل ولا ابتلاءات ولا امتحان قاسٍ غليظ، فأين التمحيص وكيف يعرف معدن الإنسان، وهذه الحياة ما جعلت إلا لمعرفة معدنه، فيوضع يوم القيامة في موضعه الذي يستحقه والذي ثبت أنه يستحقه من سجلاته القادمة من الدنيا "﴿اليَومَ تُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما كَسَبَت لا ظُلمَ اليَومَ إِنَّ اللَّهَ سَريعُ الحِسابِ﴾ [غافر: ١٧]"، فسبحان الله العظيم.

رجال

 الرجال الذين كانوا حول النبي محمد عليه السلام وفتحوا العالم كانوا رجالاً كأي رجال ... فلم تكن مشكلة فتح العالم وإقامة أعظم إمبراطورية في التاريخ هي في الرجال ولكن الحكاية كلها فيما زرعه الدين العظيم الذي جاء به محمد عليه السلام في نفوسهم وهذا هو كل شيء ... الحكاية في دين الإسلام وما فيه وما يزرعه في نفوس الرجال وفي قدرته على تحريك الأمم

شرُّ الثلاثةِ

 ولدُ الزِّنا شرُّ الثلاثةِ

الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 672 | خلاصة حكم المحدث : صحيح بمجموع طرقه
التخريج : أخرجه أبو داود (3963)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (4930)

سيقولون ما ذنبه هو مسكين وُلد لأبوين مجرمين فهو لم يفعل شيئا
الرد نعم هو لم يفعل شيئا كالبراز فهل على البراز ذنبٌ في خروجه؟ لا ذنب له ولكنه براز، فسبحان الله العظيم.

فرح الله تعالى

 ﴿الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلوماتٌ فَمَن فَرَضَ فيهِنَّ الحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسوقَ وَلا جِدالَ فِي الحَجِّ وَما تَفعَلوا مِن خَيرٍ يَعلَمهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدوا فَإِنَّ خَيرَ الزّادِ التَّقوى وَاتَّقونِ يا أُولِي الأَلبابِ ۝ لَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَبتَغوا فَضلًا مِن رَبِّكُم فَإِذا أَفَضتُم مِن عَرَفاتٍ فَاذكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشعَرِ الحَرامِ وَاذكُروهُ كَما هَداكُم وَإِن كُنتُم مِن قَبلِهِ لَمِنَ الضّالّينَ ۝ ثُمَّ أَفيضوا مِن حَيثُ أَفاضَ النّاسُ وَاستَغفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ ۝ فَإِذا قَضَيتُم مَناسِكَكُم فَاذكُرُوا اللَّهَ كَذِكرِكُم آباءَكُم أَو أَشَدَّ ذِكرًا فَمِنَ النّاسِ مَن يَقولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنيا وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ ۝ وَمِنهُم مَن يَقولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ۝ أُولئِكَ لَهُم نَصيبٌ مِمّا كَسَبوا وَاللَّهُ سَريعُ الحِسابِ﴾ [البقرة: ١٩٧-٢٠٢]


( المشعر ) اسم مشتق من الشعور وهو الإحساس: شعَرَ به شُعورًا: أحَسَّ به وعَلِمَ، ولكن واضح أن الله تعالى عنده مشاعر كخلقه ويسعده أشياء ويكره أشياء، وفي الحج تظهر هذه المشاعر من الله تعالى حين يرى عباده يقدمون عليه من حدب وصوب طاعة له وكبتاً لأعدائه، فيحب ذلك منهم ويعدهم أعظم الأجور إن هم احترموا وفادته وذكروه واستغفروه واطاعوه واتقوه واتبعوا ما يأمرهم به في نسكهم وعبادتهم فالله تعالى نفس تحس بالفرح والسرور كنفوس خلقه، وقد جعل لذلك أماكن تفرح بها نفسه القدوسة كالمشعر الحرام (المزدلفة) حيث شعوره تعالى بالسرور من ذكر عباده له عنده، وفي الحديث "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2747 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]"، فسبحان الله العظيم.

طعم الحياة

 هذا الذي أخذ الله تعالى منه طعم الحياة فلم يجد فيها لذة فيكون في الدنيا موجود فيها ولكن محبوس عنها، حين تنتهي حياته يكون كمن قيل له انطلق الآن، فأي فرح يكون قد أصاب وأي سعادة تكون له وقد فتحت له كل المغاليق وفتحت عليه آخرته فنال كل ما حرم منه بفرح غامر منطلقا في ملذاته لا يمنع من شيء ولا يمنع عنه شيء ... أنا أرى أن هذا مكافئ ومساوٍ تماما، فلا يقولن أحد أن الله أخذ مني كذا ولم يعطني كذا وأنا أريد حياةً كباقي الناس وأن الآخرة لا لزوم لها ولا أنتظرها، وأني أريد أن أعيش حياتي فلا أحرم ثم أموت فلا أُبعث ... الحكاية أن الله تعالى خلق الكون ليكون من شقين دنيا وآخرة وهذا حتمي لا حل له، فليصبر ذو البلاء فالله تعالى لا يريد الظلم لأحد، ومن عانى الآن سيأتيه فرح مبهر بعد ذلك ينسيه أي ألم كأن لم يكن، وليعلم أن الأجر العظيم في الآخرة لا بد له من بلاء عظيم في الدنيا "﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظيمٌ﴾ [التوبة: ٢٢]"، والحمد لله رب العالمين وسبحان الله العظيم.

مَقام إِبراهيم

 ﴿وَإِذ جَعَلنَا البَيتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمنًا وَاتَّخِذوا مِن مَقامِ إِبراهيمَ مُصَلًّى وَعَهِدنا إِلى إِبراهيمَ وَإِسماعيلَ أَن طَهِّرا بَيتِيَ لِلطّائِفينَ وَالعاكِفينَ وَالرُّكَّعِ السُّجودِ﴾ [البقرة: ١٢٥]


صلوا عند موطئ قدميه فقد كانت قدميه تقف على هذا الحجر خاشعة لله تعالى فأصبح موطئ قدميه مقدساً، فالعالم كله يجب أن يسجد لله تعالى عند قدميه وما هذا إلا إجلالا لله تعالى، فهاتين القدمين كانتا تحمله وهو يدعو العالم إلى الله تعالى ببنائه للكعبة خاشعاً لله تعالى متوجهاً له سبحانه، وكلكم يجب أن يفعل مثله فهو قدوة لكم وقدميه قدوة لأقدامكم فاقتدوا بما كان يفعل عليه السلام وسيروا بأقدامكم كما كان يسير طاعةً لله، فما أعظم هاتين القدمين وما أعظم ما حملتا من علم وتقوى لله رب العالمين، فكم هي كريمة هاتين القدمين ليُخلَّد موطئهما تقديساً إلى يوم القيامة، فسبحان الله العظيم.

متلازمة الذَنْب

 إذا تُبْتَ عن كل ذنب فعلتَه وعزمت على أن لا تعود إليه وفعلا لم تعد إليه فسيأتي عليك وقت لن يوجد لديك ذنوب نهائيا، فإذا كان كل ذنب تتوب عنه لا تعود إليه أبداً فستصبح بذلك مَلَكا كريماً ليس عليك خطيئة، ولكن الواقع غير ذلك فالإنسان يذنب ويعزم ألا يعود ولكن يعود وهذه هي الطبيعة البشرية، لذلك شُرِعَت التوبة وشُرِعَ الإستغفار مهما تكرر الذنب، فباب التوبة مفتوح حتى آخر العمر، والله غفور رحيم، تذنب وتتوب ثم تعود، ثم تذنب وتتوب ثم تعود، وهكذا ... هذه هي متلازمة الذَنْب وهذا هو الطبيعي، والله يعلم ذلك، لذلك ترك باب التوبة مفتوحاً، فسبحان الله العظيم.


المتلازمة هي أشياء مرتبطة مع بعضها البعض ومتعلق بعضها ببعض، ولا يهمنا المعنى الطبي.

الدعاء ذِكر

 حين تحتاج إلى أمر فتلتمسه بدعاء الله تعالى، فليس المهم أن يستجاب دعاؤك، ولا أن تتحقق أمنيتك، ولكن المهم والمطلوب هو أن تلجأ إلى الله تعالى وتذكره، فتتغذى روحك بنفحات الرحمن، وتتوجه بكُلِّيتك إلى الله تعالى، فهذا أثمن ما في الموضوع، وهذا هو الكنز الحقيقي، وهذا هو الغرض من الدعاء، وليس استجابة الدعاء نفسه، الذي هو تحصيل حاصل بإذن الله تعالى، فقد قال الله تعالى "﴿وَقالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذينَ يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتي سَيَدخُلونَ جَهَنَّمَ داخِرينَ﴾ [غافر: ٦٠]"، فإن كان صعباً عليك ذكر الله تعالى، فلتكن حاجتك إلى الله تعالى هي الدافع، فالدعاء ذكر قلبي خالص أخلص من الذكر المعتاد الذي قد لا يخرج من القلب ولكن يكون باللسان، فلا بأس أن يحوجك الله تعالى إليه بين الحين والآخر، فهو في النهاية ذكر لمن لا يريد أن يذكر، فسبحان الله العظيم.

ملك عظيم

 ﴿وَوَهَبنا لِداوودَ سُلَيمانَ نِعمَ العَبدُ إِنَّهُ أَوّابٌ ۝ إِذ عُرِضَ عَلَيهِ بِالعَشِيِّ الصّافِناتُ الجِيادُ ۝ فَقالَ إِنّي أَحبَبتُ حُبَّ الخَيرِ عَن ذِكرِ رَبّي حَتّى تَوارَت بِالحِجابِ ۝ رُدّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسحًا بِالسّوقِ وَالأَعناقِ ۝ وَلَقَد فَتَنّا سُلَيمانَ وَأَلقَينا عَلى كُرسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنابَ ۝ قالَ رَبِّ اغفِر لي وَهَب لي مُلكًا لا يَنبَغي لِأَحَدٍ مِن بَعدي إِنَّكَ أَنتَ الوَهّابُ ۝ فَسَخَّرنا لَهُ الرّيحَ تَجري بِأَمرِهِ رُخاءً حَيثُ أَصابَ ۝ وَالشَّياطينَ كُلَّ بَنّاءٍ وَغَوّاصٍ ۝ وَآخَرينَ مُقَرَّنينَ فِي الأَصفادِ ۝ هذا عَطاؤُنا فَامنُن أَو أَمسِك بِغَيرِ حِسابٍ ۝ وَإِنَّ لَهُ عِندَنا لَزُلفى وَحُسنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٣٠-٤٠]


"وَهَب لي مُلكًا لا يَنبَغي لِأَحَدٍ مِن بَعدي"؟ هل يعقل أن يكون هذا أنانية وغطرسة وتعاظم وحسد أن لا يكون لأحدٍ من بعده مُلْك مثله فيعلو ولا يُعلى عليه؟ كلا بل هذا يدل على حكمته ورحمته عليه السلام، فهذا نبي كريم حين يكون مُلْكُه عظيماً يكون عادلاً وحكيماً وعلى منهاج النبوة، فيكون فيه صلاح للناس في حينه ومن بعده، وهو يخشى أن يقع مثل هذا الملك العظيم مستقبلاً بيد ملك ظالم فيفتك ويهلك ويخرب ويدمر فيكون تدميره عظيماً بحجم مُلْكه، فهذا الدعاء حماية للناس مستقبلاً من وقوع مُلْك عظيم في يد ظالم، فهذا من حكمته ورحمته عليه السلام، فالأمر جَدُّ خطير، وهذا من إلهام الله تعالى له، فلم ينكره عليه ولم يرده عليه واستجاب له، فسبحان الله العظيم.

نذر

 ﴿وَخُذ بِيَدِكَ ضِغثًا فَاضرِب بِهِ وَلا تَحنَث إِنّا وَجَدناهُ صابِرًا نِعمَ العَبدُ إِنَّهُ أَوّابٌ﴾ [ص: ٤٤]


حين يكون عليك واجب عظيم أو نذر وتكبر في السن أو تعجز فإن هذا الواجب أو النذر يخفف إلى أبعد درجة ولكن يبقى فالأصل لا يذهب ولكن يُخفف، فسبحان الله العظيم.

التربية

 ﴿وَالَّذي قالَ لِوالِدَيهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِني أَن أُخرَجَ وَقَد خَلَتِ القُرونُ مِن قَبلي وَهُما يَستَغيثانِ اللَّهَ وَيلَكَ آمِن إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقولُ ما هذا إِلّا أَساطيرُ الأَوَّلينَ﴾ [الأحقاف: ١٧]


الواضح أن أبويه مؤمنين وربياه على الفضيلة ولكن الطبع غلب التطبع فلما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة غلب عليه طبعه فأصبح كافراً ... التربية لا تنفع أحد إذا لم يكن هذا الأحد صالحا من ذات نفسه فانظر حولك لترى أن ما أقوله صحيحاً فالتربية لا فائدة منها

ما يحاججونه به

 حين يقول رجل عن نفسه على الملأ أنه كريم فقد أعطى الجميع ما يحاججونه به لو فعل غير ما يقوله عن نفسه، فإذا كان قدر كلمته فهو كما قال ... الله تعالى يملأ كتابه بأحسن صفات الكمال والجمال والجلال التي يمكن التحلي بها لنفسه، ونعلم أنه صادق، أفلا يمكن أن نحاججه بها حين يفعل غير ما وصف به نفسه تعالى، حاشاه سبحانه أن يفعل غير ذلك، فلا تخف من بطش ربك وظلمه لك، أو أن تُفاجأ بعدم صدق ما يقول سبحانه عن نفسه، فهو كما وصف نفسه سبحانه ... قال عن نفسه أنه رحيم فهو رحيم في كل الأحوال، فلا تخف، فهو ليس إلا كما قال، وما وُجدت الرحمة إلا لوجود من يطلبها والله تعالى أهلها ... قال عن نفسه أنه كريم، فأبشر بكرم لا حدود له، ولا تخف فهو ليس إلا كما قال وما وُجد الكرم إلا لوجود من يطلبه والله تعالى أهله، وهكذا، فَلِمَ الرعب وسوء الظن بالله العظيم وقد أطنب في وصف صفاته وأسمائه الحسنى وهو أصدق القائلين، فقط أطع الله تعالى قدر استطاعتك وتأمّل الخير كل الخير منه سبحانه، فهو كما قال، فوالله ما جربناه إلا وجدناه كما يقول والكل فعل ذلك، فهل يبقى بعد ذلك موضع للشك، فسبحان الله العظيم.

مِمَّا تُحِبُّونَ

 { لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ( ٩٢ ) } [سورة آل عمران]


مما تحبون ليس فقط المال وإلا لقال "لن تنالوا البر حتى تنفقوا من المال" فقوله مما تحبون أي كل ما تحب ويشمل كل عطاء كالصدقة ونشر العلم والجهاد وحسن المعاملة والصبر، ويكون ذلك بالمال "ومنها الزروع والقصور والأملاك ويكون بالزكاة والصدقة"، والعلم "ومنه علوم الدين وعلوم الدنيا وما فيهما من الفكر ويكون بنشرها وتعليمها للناس"، والأنفس "ومنه نفسك ونفس أولادك الذين هم ثمرة قلبك ويكون بالجهاد"، وحسن المعاملة ومنه العفو عن الناس ومساعدتهم في أمور حياتهم، والصبر في السراء والصبر في الضراء ... كل ذلك صالح وممكن للبذل عند وجوده وأنت تملك بعضه فلا تبخل به، فسبحان الله العظيم.

التصميم

 ﴿وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحمنُ وَلَدًا ۝ لَقَد جِئتُم شَيئًا إِدًّا ۝ تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرنَ مِنهُ وَتَنشَقُّ الأَرضُ وَتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا ۝ أَن دَعَوا لِلرَّحمنِ وَلَدًا﴾ [مريم: ٨٨-٩١]

﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرنَ مِن فَوقِهِنَّ وَالمَلائِكَةُ يُسَبِّحونَ بِحَمدِ رَبِّهِم وَيَستَغفِرونَ لِمَن فِي الأَرضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ﴾ [الشورى: ٥]

معلوم عند المهندسين المدنيين أن يقوم المصمم الإنشائي بحساب الأحمال على تركيبات المنشأة كالأعمدة والكمرات والبلاطات والقواعد ويضيف على ذلك فائض أمان - يحسب كنسبة من الأحمال - ثم يقوم بحساب مقاطع التركيبات كل بحسبه بحيث لو زادت الأحمال عن القيمة التي حسبها للمقطع سينهار التركيب تماما بكل معنى الكلمة - نظرياً -، فكلمة تكاد في الآيات الكريمة أعلاه هي كل ما يسعى المصمم الإنشائي إلى تجنيب الأحمال الوصول إليها في تصميمه، فالله تعالى حسب الأثقال على السماوات بحيث تنهار عند حمل معين، والله تعالى لا يستخدم معامل أمان في حسابه فكل شيء عند معلوم ومتوقع، والأيات تؤكد وصول السماوات إلى قريبٍ من هذا الحد بسبب ادعاء الكفار الولد لله تعالى ومن ثقل الملائكة وحركتهم، ولكن لا تصله فلا تنهار، فكلمة تكاد تدل على قرب وصول الأحمال إلى حد عجز السماوات عن تحملها، فهذه الكلمة تثبت وتؤكد وجود التصميم في خلق السماوات والأرض والجبال وغيرها وفي صنع الله تعالى كله فلا تنهار مكونات الكون، وهذا هو الهدف من التصميم، وليس خلقاً عشوائيا كما يدعي أصحاب نظرية التطور الرديئة، فسبحان الله العظيم.

راكبو الحياة

 ﴿رَبُّكُمُ الَّذي يُزجي لَكُمُ الفُلكَ فِي البَحرِ لِتَبتَغوا مِن فَضلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُم رَحيمًا ۝ وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحرِ ضَلَّ مَن تَدعونَ إِلّا إِيّاهُ فَلَمّا نَجّاكُم إِلَى البَرِّ أَعرَضتُم وَكانَ الإِنسانُ كَفورًا ۝ أَفَأَمِنتُم أَن يَخسِفَ بِكُم جانِبَ البَرِّ أَو يُرسِلَ عَلَيكُم حاصِبًا ثُمَّ لا تَجِدوا لَكُم وَكيلًا ۝ أَم أَمِنتُم أَن يُعيدَكُم فيهِ تارَةً أُخرى فَيُرسِلَ عَلَيكُم قاصِفًا مِنَ الرّيحِ فَيُغرِقَكُم بِما كَفَرتُم ثُمَّ لا تَجِدوا لَكُم عَلَينا بِهِ تَبيعًا ۝ وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا﴾ [الإسراء: ٦٦-٧٠]


قصة البحر وابن آدم تعكس صراع ابن آدم مع الحياة ... قد تشتد أحداث الحياة على ابن آدم حتى تكاد تهلكه فتعاركه ويعاركها وقد تغرقه كما قد يفعل البحر براكبيه ولكن قد ينجو بفضل الله تعالى فقط لعله يشكر فضل الرحمن الذي أنجاه فلا يعود إلى ظلمه وظلماته التي بسببها اشتدت عليه أحداث الحياة، أفلا يأمن إن هو عاد لظلمه وظلماته أن يعيد الله تعالى عليه الكرة فيهلكه هذه المرة فلا ينجو كما نجا أول مرة ثم لا يعود له نجاة بعد ذلك أبداً؟ وليس للإهلاك وجه واحد فقد يكون بالغرق وقد يكون بآفة، فانجُ فلن تُعجِز الله تعالى بطريقة إهلاكك، فسبحان الله العظيم.

الموءودة

 ﴿وَإِذَا المَوءودَةُ سُئِلَت ۝ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت﴾ [التكوير: ٨-٩]


لماذا تُسأل الموءودة ولا يُسأل من وأدها؟ حين تُسأل الموءودة بأي ذنب قتلت ستقول لأنك يا ألله خلقتني أنثى فكأن ذنبها هو أن الله تعالى خلقها أنثى وهذه تهمة لله تعالى فليأت من وأدها ويخاصم الله تعالى في هذه التهمة، فالويل لمن كان الله تعالى خصيمه الويل له ثم الويل له، لذلك تُسأل هِيَ ولا يُسأل هُوَ لأنه سيراوغ حتى لا يتهم الله تعالى فيكون خصيمه لأنه يعلم أن تلك كارثة الكوارث التي لا ينفع معها لا إيمان ولا صلاة، فسبحان الله العظيم.

رزق الطير

 ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغنى وَأَقنى﴾ [النجم: ٤٨]


﴿الشَّيطانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلًا وَاللَّهُ واسِعٌ عَليمٌ﴾ [البقرة: ٢٦٨]

نسب الإغناء والإقناء والمغفرة والفضل لنفسه العلية ولم ينسب الإفقار لنفسه سبحانه في أيٍ من آيات كتابه العزيز ولكن نسبه للشيطان ... أنظر إلى خلق الله تعالى من الطيور والحيوانات في البرية تراها كلها سمينة نضرة ممتلئة لا ترى فيها هزيلة عجفاء فمن جعلها كذلك؟ أليس لأنه سبحانه وسع عليها أرزاقها وأغناها فغدت كذلك، ولكن ليس الحال كذلك مع البشر وذلك بسبب الشيطان الذي يهلك من اتبعه وعمل بوسواسه فتجد نتيجة لذلك الفقر والقحط والفحشاء والجوع والهزال والعجف، ولكن وسوسته فقط للبشر وليس للطيور والحيوانات لذلك سلمت منه فلا فقر ولا فحشاء باستثناء تأثير البشر عليها إن وصلوا إليها بأذاهم، فسبحان الله العظيم.

صفة الرحمة

 ﴿وَاكتُب لَنا في هذِهِ الدُّنيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنّا هُدنا إِلَيكَ قالَ عَذابي أُصيبُ بِهِ مَن أَشاءُ وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُها لِلَّذينَ يَتَّقونَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَالَّذينَ هُم بِآياتِنا يُؤمِنونَ﴾ [الأعراف: ١٥٦]


تأمل كتاب الله الكريم من أوله إلى آخره لن تجد الله تعالى في أي آية يقول لن أرحم أو لا أرحم أو أنه لن يرحم أو أنه لا يرحم، أبداً أبداً، وليس الإجحاف والإستبداد والبغي والقسوة والظلم من صفاته سبحانه وتعالى ولم ينسب أياً منها لنفسه سبحانه - التي هي أضداد الرحمة - بل يذمها دوماً، قد يقول أعذب ويعذب ولكن من قال أن العذاب يعني عدم الرحمة؟ فقد يكون العذاب قمة الرحمة فرحمة الله تعالى وسعت كل شيء، حتى تعذيبه رحمة، وقد يلعن ثم يعود فيرحم لأن رحمته وسعت كل شيء، كل شيء، وبالمثل قد ينتقم، وهكذا ... قد يقول لا يهدي وقد يقول يُضل وهناك آيات تدل على غضبه سبحانه ولكن بالتأكيد هو لا يقول أبداً أنه لا يرحم بل بالعكس، القرآن يمتلئ بالتأكيد على رحمة الله تعالى، فما بال الناس منصرفون عن رحمته سبحانه التي وسعت كل شيء ولا يسْعَون لاستجلابها لأنفسهم بطاعته وهو أرحم الراحمين، فسبحان الله العظيم.

مالذي جعله متأكداً

 ﴿قالَ أَرَأَيتَ إِذ أَوَينا إِلَى الصَّخرَةِ فَإِنّي نَسيتُ الحوتَ وَما أَنسانيهُ إِلَّا الشَّيطانُ أَن أَذكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبيلَهُ فِي البَحرِ عَجَبًا﴾ [الكهف: ٦٣]


نفى كل أسباب النسيان إلا الشيطان فما الذي جعله متأكداً أن الشيطان بالذات هو الذي أنساه الحوت أن يذكره وليس شيئا آخر؟ نسي أن يتذكر أمر الحوت العجيب الذي دبت فيه الحياه وتسرب إلى البحر، نسي أمره فلم يتذكره إلا بعد أن ذكّره به موسى عليه السلام حين طلب منه الحوت ليأكلاه مع أن أمره عجيب ... السؤال لماذا اتهم الشيطان فقط لا غيره بذلك الإنساء؟ الجواب لأن الأمر عظيم فهو حاضر في كل وقت في ذهن فتى موسى عليهما السلام فهو من الأمور العظام التي لا تنسى - حوت ميت تدب فيه الحياة ويتسرب إلى البحر -، فكيف يُطمَس هذا الأمر من ذهنه كأنه لم يكن إلا إذا كان بفعل فاعل وهو الشيطان، والشيء الأكيد أيضا أن فتى موسى عليهما السلام لم يذكر الله تعالى عندما رأى معجزة إحياء الحوت الميت وأذهلته عن نفسه فدخل عليه الشيطان فوراً وأنساه الأمر، فَلَو ذكر الله تعالى ما دخل عليه الشيطان وما نسيه، ولكن ما الذي يستفيده الشيطان من إنساء فتى موسى عليهما السلام بالحادثة؟ الجواب أن الشيطان لا يعلم بأن الحادثة آية على موضع لقاء موسى بالخضر عليهما السلام، فهو لا يعلم الغيب، ولكن همّه أن الحادثة معجزة عظيمة تذكر بالله العظيم وبقدرته وبعظمته سبحانه، وهو ضد أي شيء يُذكِّر بالله تعالى فقط، وربما استشف الشيطان أن وراء حدوث هذه المعجزة شيئا فتصرف فوراً بإنساء حدوثها لفتى موسى عليهما السلام، فسبحان الله العظيم.

لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْر

 { قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( ١٨٨ ) } [سورة الأعراف]


لو يعلم المؤمن الغيب لاستكثر من الخير، وهكذا كل أحد، ولكن هو لا يعلم الغيب فالله تعالى يكثر له الخير ولا يمسه السوء أفضل مما لو علم الغيب، فالله تعالى أدرى بمصلحة العبد من العبد نفسه فقل الحمد لله رب العالمين، فالله تعالى يكثر لك الخير ولا يمسك السوء وأنت لا تعلم أفضل مما لو علمت، فهو أعلم كيف يفعل ذلك أكثر منك، فسبحان الله العظيم.

وَالذّاكِرينَ اللَّهَ كَثيرًا وَالذّاكِرات

﴿فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَها نَباتًا حَسَنًا وَكَفَّلَها زَكَرِيّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيها زَكَرِيَّا المِحرابَ وَجَدَ عِندَها رِزقًا قالَ يا مَريَمُ أَنّى لَكِ هذا قالَت هُوَ مِن عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيرِ حِسابٍ﴾ [آل عمران: ٣٧]

وجد عندها رزقاً يعني كلما دخل عليها المحراب وجدها ووجد عندها رزقاً فهي موجودة دائماً في المحراب تتعبد لا تغيب عن موضع عبادتها ... هكذا يكون العبد الصالح موجود دائماً في طاعة الله لا يتحول عنها ما لم يطرأ شيء ... إعطِ الكثير من وقتك لربك ثم تدلل عليه، وإملأ الوعاء حتى يمتلئ، عندها اطلب من الله ما تشاء، فقليل العبادة كقليل الماء لا يُنبِتُ زرعاً ولا يُخرِجُ كلأً، وظمؤك لرحمة الله كظمئك للماء فإن لم تملأ الكأس لم يَروِ ظمأك، ولكن ما مقياس العبادة؟ الجواب: أنظر آخر يومك إلى يومك هل امتلأ قلبك من الطاعة حتى تحس أنه لا مكان للمزيد فذلك هو الكثير المطلوب، وإن كنت تحس أنك لو استزدت لكان أفضل فهذا يدل على أن طاعتك دون الكمال فاستزد في اليوم التالي، فسبحان الله العظيم. 

الرضا

 رضا الناس زائل بتحولهم من حال إلى حال ورضا الله جنة عرضها السماوات والأرض لا تَحُول ولا تزول ما دامت السماوات والأرض، فاختر لنفسك

أقل الخسائر

 ﴿أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ فَأَرَدتُ أَن أَعيبَها وَكانَ وَراءَهُم مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ غَصبًا ۝ وَأَمَّا الغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤمِنَينِ فَخَشينا أَن يُرهِقَهُما طُغيانًا وَكُفرًا ۝ فَأَرَدنا أَن يُبدِلَهُما رَبُّهُما خَيرًا مِنهُ زَكاةً وَأَقرَبَ رُحمًا ۝ وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَةِ وَكانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما وَكانَ أَبوهُما صالِحًا فَأَرادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغا أَشُدَّهُما وَيَستَخرِجا كَنزَهُما رَحمَةً مِن رَبِّكَ وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري ذلِكَ تَأويلُ ما لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا﴾ [الكهف: ٧٩-٨٢]


نستنتج من قصة موسى مع الخضر عليهما السلام أن الله تعالى يرد الظلم بأقل الخسائر بحجب السبب ولا يرد الظلم بإهلاك الظالم دائما إلا إذا لم يكن هناك حلٌ غيره كقتل الغلام، فالملك الظالم رُدّ ظلمه بحجب سبب ظلمه وهو السفينة الصالحة فوجب خرقها فلم يأخذها، بذلك حُجب ظلمه بخرقها ولم يرسل عليه الله تعالى صاعقة لتحرقه وتريح منه العباد والبلاد مع أن ضرره عام، وأمثال أصحاب السفينة هؤلاء سيدبر الله تعالى أمرهم بلطفه مثلهم على مدى الدهر ... والغلام حُجب ظلمه لأبويه فلم يرهقهما طغياناً وكفراً بقتله فلن يوجد بعد ذلك ليظلمهما ورُدّ ظلمه بذلك وهذا أفضل حل بأقل الخسائر، وأمثال هذين الأبوين المؤمنين سيدبر الله تعالى أمرهم بلطفه مثلهما على مدى الدهر ... وأهل القرية الظالمين حُجب ظلمهم للغلامين ببناء الجدار ليحمي كنزهما لهما من سرقة أهل القرية له ولم يقتلهم الله تعالى ولم يرسل عليهم صاعقة تحرقهم وبذلك رُدّ ظلمهم عن الغلامين بأقل الخسائر، وأمثال هذين الغلامين سيدبر الله تعالى أمرهم بلطفه مثلهما على مدى الدهر فالله تعالى موجود أبداً يفعل ما يصلح لعباده الصالحين ... نستنتج مما سبق أنك حين يظلمك أحد فلا تدع بهلاكه ولكن أدع بتيسير أمورك وعودة حقك إليك ولا تدع على أحد بالهلاك فالدعوة بالهلاك جهل بيِّن نستنتجه من الآيات السابقة فالله تعالى لا يريد ظلما للعباد فلا يظلمهم ولا يريد أن يظلم بعضهم بعضاً "﴿... وَمَا اللَّهُ يُريدُ ظُلمًا لِلعِبادِ﴾ [غافر: ٣١]"، نستنتج أيضا من قصة موسى والخضر عليهما السلام أن الخضر كان أداة ينفذ الله تعالى به إرادته سبحانه والخضر يفعل ويعلم ما يفعل والله تعالى يعلم ما يفعله الخضر ويوجهه، ولكن الله تعالى، إن لم يوجد الخضر على مدى الدهور والعصور، فإنه حتما سيسلط عباداً غيره يفعلون فعله في الناس ولا يعلمون ما يفعلونه مثله والله تعالى وحده يعلم ما يفعلونه وهو يوجههم بدون علمهم، فالجميع كائناً من كان ينفذ أمر الله تعالى، والنتيجة الخير كل الخير للجميع، فسبحان الله العظيم.

لا بد أن تكون طاهراً

من أبى أن يطهر نفسه بطاعة الله تعالى في الدنيا طهره الله تعالى بالنار في الآخرة، فسبحان الله العظيم. 

أَم لِلإِنسانِ ما تَمَنّى

من كانَ آخرُ كلامِهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخلَ الجنَّةَ

الراوي : معاذ بن جبل.
المحدث : الألباني.
المصدر : صحيح أبي داود.
الصفحة أو الرقم: 3116.
خلاصة حكم المحدث : صحيح.

على فرض عملك بمقتضاها، هل تطمع أن يكون آخر كلامك لا إله إلا الله وتتمنى ذلك؟ كلا لن تكون كلمة التوحيد آخر كلامك حتى تكون قد تعودت على قولها بصدر منشرح باستمرار كل الوقت ... ليس لأنك تحب أن تكون هي آخر كلامك سيرزقك الله تعالى قولها عند موتك أو لأنك مؤمن! كلا! فاللسان ينطق في كل حين بما تعود عليه فعليك التعود على قولها كل وقت وكل حين حتى يجعلها الله تعالى آخر كلامك ... "﴿أَم لِلإِنسانِ ما تَمَنّى﴾ [النجم: ٢٤]"؟ كلا، فسبحان الله العظيم.

هكذا يخاطِب الأسوياء

{ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ( ٢٠ ) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ( ٢١ ) } [سورة النساء]
الله تعالى يخاطب في عبادِه المؤمنين فطرتَهم بهدوء بقوله "أتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا"، فالبهتان والإثم مرفوضان عند المؤمن ذي الفطرة السليمة، ثم يخاطب منطقهم بهدوء مثلما خاطب فطرتهم بهدوء بقوله "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا" فاحترام العشرة والمواثيق مطلوب لدى كل ذي لب فالله تعالى يثق في عقولهم السليمة كذلك، هكذا يخاطب الله تعالى البشر الأسوياء - بالكلام الرزين الهادئ والمنطق البسيط الذي لا تعقيد فيه - يخاطب فطرتهم السليمة وعقولهم السليمة كلاً بحسبه، فسبحان الله العظيم

فعل الأولياء

 { تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ( ٢٢ ) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ( ٢٣ ) } [سورة الشورى]


جزاء عمل الصالحات وبشراهم من الله تعالى ليس أن تُعطى ما يفعله الأولياء كما يدّعون ولكن ما ذكره الله تعالى "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ"

أهل الفترة

 { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( ١٧ ) } [سورة الحج]


هذا يدل على وجود محكمة عادلة يوم القيامة لمن كفر في الدنيا عن تصميم وقصد مع علمه بالحق فلا يعتبر من أهل الفترة، ومن كفر في الدنيا جاهلاً مقلداً فيعتبر من أهل الفترة

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

فَأتِ بِآيَةٍ

﴿ما أَنتَ إِلّا بَشَرٌ مِثلُنا فَأتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤]

حين تَدَّعي شيئا عظيما أو غريبا أو تروي عن نفسك شيئا غريبا للناس فلن يصدقوك حتى تأتي بدليل على صدق كلامك، فأنت بشر يجوز منك الصدق ويجوز منك الكذب، خاصة إذا كان فيما ترويه إلزام للسامع بشيء وهذا من حق السامع وليس في ذلك عيب أو مأخذ، لذلك كانت الرسل عليهم السلام يُدَعَّمون بالمعجزات التي تؤكد صدقهم، فسبحان الله العظيم.

عذاب شديد

﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الهُدهُدَ أَم كانَ مِنَ الغائِبينَ ۝ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذابًا شَديدًا أَو لَأَذبَحَنَّهُ أَو لَيَأتِيَنّي بِسُلطانٍ مُبينٍ﴾ [النمل: ٢٠-٢١]

قانون رباني، من يعصِ يعذب عذابا شديدا، فحين يعصيك أحدهم ستغضب وإذا غضبت فإن إحساسك أنك تريد أن تفتك به فلا يكفيك فيه رد عدوانه بمثله ولكن تريد أن تفتك به وتعذبه عذابا شديدا لكي يبرد قلبك، هكذا يكون جزاء العصيان: عذاب شديد.

قُل كونوا حِجارَةً أَو حَديدًا

﴿وَقالوا أَإِذا كُنّا عِظامًا وَرُفاتًا أَإِنّا لَمَبعوثونَ خَلقًا جَديدًا ۝ قُل كونوا حِجارَةً أَو حَديدًا ۝ أَو خَلقًا مِمّا يَكبُرُ في صُدورِكُم فَسَيَقولونَ مَن يُعيدُنا قُلِ الَّذي فَطَرَكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنغِضونَ إِلَيكَ رُءوسَهُم وَيَقولونَ مَتى هُوَ قُل عَسى أَن يَكونَ قَريبًا ۝ يَومَ يَدعوكُم فَتَستَجيبونَ بِحَمدِهِ وَتَظُنّونَ إِن لَبِثتُم إِلّا قَليلًا﴾ [الإسراء: ٤٩-٥٢]

هل سيعيد الله تعالى يوم القيامة خلق كل شيء حتى الحجارة والحديد؟ الجواب:نعم.

وَقالَ الشَّيطانُ لَمّا قُضِيَ الأَمرُ

﴿وَقالَ الشَّيطانُ لَمّا قُضِيَ الأَمرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُم فَأَخلَفتُكُم وَما كانَ لِيَ عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لي فَلا تَلوموني وَلوموا أَنفُسَكُم ما أَنا بِمُصرِخِكُم وَما أَنتُم بِمُصرِخِيَّ إِنّي كَفَرتُ بِما أَشرَكتُمونِ مِن قَبلُ إِنَّ الظّالِمينَ لَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ [إبراهيم: ٢٢]

القرآن ليس فيه مجاز، وقوله لما قضي الأمر أي في الماضي فمتى كان ذلك؟ هل الزمن دوار حين ينتهي يبدأ من جديد؟، فأنا موجود الآن وسابقا في نفس الوقت فما أفعله الآن فعلته من قبل، وقد قال الشيطان ذلك من قبل وقد قضي الأمر من قبل وما نفعله الآن فعلناه سابقا، "خلقَ اللهُ الخلْقَ وقضى القضيةَ وأخذَ ميثاقَ النبيينَ وعرشُهُ على الماءِ فأخذَ أهلَ اليمينِ بيمينِهِ وأخَذَ أهلَ الشقاءِ بيدِهِ اليُسْرَى وكلْتَا يَدِيِ الرحمنِ يَمِينٌ فقال يا أهلَ اليمينِ قالوا لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ قَالَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمْ فقال قائِلٌ منهم رَبِّ لَمَ خَلطتَ بيننَا فقال لَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ أَنْ يَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ يَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً من بَعْدِهِمْ فخلقَ اللهُ الخلقَ وقَضَى القضيةَ وأخذَ ميثاقَ النبيينَ وعرْشُهُ على الماءِ فأهلُ الجنةِ أهلُها وأهلُ النارِ أهلهُا فقال رجلٌ منَ القومِ فَفِيمَ العملُ يا رسولَ اللهِ فقال يعملُ كلُّ قومٍ لِمَا خُلِقُوا لَهُ أهلُ الجنةِ يعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ وأهلُ النارِ يعملُ بعملِ أهلِ النارِ فقال عمرُ بنُ الخطابِ يا رسولَ اللهِ أرأَيْتَ أعمالَنا هذِهِ أشيْءٌ نَبْتَدِعُهُ أوْ شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ منه قال اعملُوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له قال الآنَ نَجْتَهِدُ في العبادةِ
الراوي : أبو أمامة الباهلي.
المحدث : الهيثمي.
المصدر : مجمع الزوائد.
الصفحة أو الرقم: 7/192.
خلاصة حكم المحدث : فيه سالم بن سالم وهو ضعيف.
التخريج: أخرجه الطيالسي (1226)، والعقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (1/139)، والطبراني (8/288) (7943) مختصراً."

بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيهِ

﴿وَقَولِهِم إِنّا قَتَلنَا المَسيحَ عيسَى ابنَ مَريَمَ رَسولَ اللَّهِ وَما قَتَلوهُ وَما صَلَبوهُ وَلكِن شُبِّهَ لَهُم وَإِنَّ الَّذينَ اختَلَفوا فيهِ لَفي شَكٍّ مِنهُ ما لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلوهُ يَقينًا ۝ بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيهِ وَكانَ اللَّهُ عَزيزًا حَكيمًا﴾ [النساء: ١٥٧-١٥٨]
﴿وَاذكُر فِي الكِتابِ إِدريسَ إِنَّهُ كانَ صِدّيقًا نَبِيًّا ۝ وَرَفَعناهُ مَكانًا عَلِيًّا﴾ [مريم: ٥٦-٥٧]
"... وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ إنْ لو تَدُومُونَ علَى ما تَكُونُونَ عِندِي، وفي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ علَى فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ ... صحيح مسلم."

يرفعه الله تعالى إلى السماء بجسده ... أي شفافية يصل إليها العبد حتى يرفع بجسده إلى السماء وأي طهر وأي نقاء؟