الخميس، 14 أكتوبر 2021

أقل الخسائر

 ﴿أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ فَأَرَدتُ أَن أَعيبَها وَكانَ وَراءَهُم مَلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ غَصبًا ۝ وَأَمَّا الغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤمِنَينِ فَخَشينا أَن يُرهِقَهُما طُغيانًا وَكُفرًا ۝ فَأَرَدنا أَن يُبدِلَهُما رَبُّهُما خَيرًا مِنهُ زَكاةً وَأَقرَبَ رُحمًا ۝ وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَةِ وَكانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما وَكانَ أَبوهُما صالِحًا فَأَرادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغا أَشُدَّهُما وَيَستَخرِجا كَنزَهُما رَحمَةً مِن رَبِّكَ وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري ذلِكَ تَأويلُ ما لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا﴾ [الكهف: ٧٩-٨٢]


نستنتج من قصة موسى مع الخضر عليهما السلام أن الله تعالى يرد الظلم بأقل الخسائر بحجب السبب ولا يرد الظلم بإهلاك الظالم دائما إلا إذا لم يكن هناك حلٌ غيره كقتل الغلام، فالملك الظالم رُدّ ظلمه بحجب سبب ظلمه وهو السفينة الصالحة فوجب خرقها فلم يأخذها، بذلك حُجب ظلمه بخرقها ولم يرسل عليه الله تعالى صاعقة لتحرقه وتريح منه العباد والبلاد مع أن ضرره عام، وأمثال أصحاب السفينة هؤلاء سيدبر الله تعالى أمرهم بلطفه مثلهم على مدى الدهر ... والغلام حُجب ظلمه لأبويه فلم يرهقهما طغياناً وكفراً بقتله فلن يوجد بعد ذلك ليظلمهما ورُدّ ظلمه بذلك وهذا أفضل حل بأقل الخسائر، وأمثال هذين الأبوين المؤمنين سيدبر الله تعالى أمرهم بلطفه مثلهما على مدى الدهر ... وأهل القرية الظالمين حُجب ظلمهم للغلامين ببناء الجدار ليحمي كنزهما لهما من سرقة أهل القرية له ولم يقتلهم الله تعالى ولم يرسل عليهم صاعقة تحرقهم وبذلك رُدّ ظلمهم عن الغلامين بأقل الخسائر، وأمثال هذين الغلامين سيدبر الله تعالى أمرهم بلطفه مثلهما على مدى الدهر فالله تعالى موجود أبداً يفعل ما يصلح لعباده الصالحين ... نستنتج مما سبق أنك حين يظلمك أحد فلا تدع بهلاكه ولكن أدع بتيسير أمورك وعودة حقك إليك ولا تدع على أحد بالهلاك فالدعوة بالهلاك جهل بيِّن نستنتجه من الآيات السابقة فالله تعالى لا يريد ظلما للعباد فلا يظلمهم ولا يريد أن يظلم بعضهم بعضاً "﴿... وَمَا اللَّهُ يُريدُ ظُلمًا لِلعِبادِ﴾ [غافر: ٣١]"، نستنتج أيضا من قصة موسى والخضر عليهما السلام أن الخضر كان أداة ينفذ الله تعالى به إرادته سبحانه والخضر يفعل ويعلم ما يفعل والله تعالى يعلم ما يفعله الخضر ويوجهه، ولكن الله تعالى، إن لم يوجد الخضر على مدى الدهور والعصور، فإنه حتما سيسلط عباداً غيره يفعلون فعله في الناس ولا يعلمون ما يفعلونه مثله والله تعالى وحده يعلم ما يفعلونه وهو يوجههم بدون علمهم، فالجميع كائناً من كان ينفذ أمر الله تعالى، والنتيجة الخير كل الخير للجميع، فسبحان الله العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق