الأحد، 12 مايو 2019

وعلم آدم الأسماء

سورة البقرة - الجزء 1 - (الآية 30 - 33) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰٓئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌۭ فِى ٱلْأَرْضِ خَلِيفَةًۭ ۖ قَالُوٓا۟ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّىٓ أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿30﴾ وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلْأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَـٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِى بِأَسْمَآءِ هَـٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴿31﴾ قَالُوا۟ سُبْحَـٰنَكَ لَا عِلْمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَآ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ ﴿32﴾ قَالَ يَـٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ ۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّىٓ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿33﴾                   

علم الله تبارك وتعالى آدم الأسماء كلها فبذلك وضع أساس العلم في عقل آدم الفتي ومعلوم أن أي علم كائنا ما كان له مصطلحاته الخاصة به وهذه المصطلحات هي مسميات (أسماء) تخص هذا العلم. حين تكلم سبحانه وتعالى لنفر من ملائكته بأنه سيجعل في الأرض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال لهم إني أعلم مالا تعلمون ... كان اعتراض الملائكة على سفك الدماء والفساد والله تعالى يعلم ذلك فهو يريد أن يجعل في الأرض خليفة لسبب اهم من ذلك ... أنه استخلاف العلم ليس استخلاف الفساد ... يعلم أنه سيكون فساد ولكن لابد من ذلك ... الإنسان الذي سيخلفه في الأرض لديه مواصفات لم يسبق لها مثيل في خلق الله ... إن ميزة هذا الخليفة وكل خليفة هي قابليته للتعلم ... هذه الميزة تجعله الأصلح للخلافة كونه يعيد ضبط نفسه كل مرة يخطيء بتعلمه من أخطائه فينضبط ويضبط ... ميزة التعلم غير موجودة في المخلوقات إلا لدى الإنسان. ألم تلاحظ معي أن كل آية من الآيات السابقة فيها إشارة إلى العلم ... هذا الخليفة العالم لم يستحق أن يكون خليفة إلا بالعلم وهذا العلم الذي استحق عليه خلافة الأرض لا يأتي إلا بالتعلم ... ولا علم إلا بمصطلحات (أسماء) فلذلك بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام علمه اسماء كل شيء ... مصطلحات أي علم يمكن أن يصل إليه تفكيره أو حاجته ... علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم ... قال عرضهم ولم يقل عرضها ... عرضهم أي عرض مجموعة من العاقلين وليس الأسماء بالطبع ... فمن هم هؤلاء العاقلون الذين عرضهم سبحانه وتعالى على الملائكة ... هؤلاء العاقلون هم أولئك النفر من الملائكة الذين استغربوا أن يجعل الله سبحانه وتعالى في الأرض خليفة يسفك الدماء ... يريد أن يبين لهم وللملائكة الآخرين أنه يعلم مالا يعلمون من أن هذا الخليفة لديه ميزة لايملكونها ولا يعلمون عنها شيئا ... ميزة العلم والتعلم ... جاء بهؤلاء النفر من الملائكة أمام الملائكة الأخرين وقال لهم أنبئوني بأسماء هؤلاء الملائكة الذين أمامكم إن كنتم صادقين في قولكم أن هذا الخليفة لا يستحق خلافة الأرض ... هذا الطلب كان غريبا عليهم فهم لايستطيعون تسمية بعضهم بعضا بسبب عدم وجود العلم وعدم وجود القاعدة التي يبنى عليها العلم وهي المصطلحات (الأسماء) ... فقالوا لاعلم لنا إلا ماعلمتنا وأبدوا عجزهم التام أمام هذا الطلب الغريب عليهم ... وهنا طلب سبحانه وتعالى من آدم عليه السلام (رمز خلافة الأرض وعينته) أن ينبيء جميع الشهود من الملائكة بأسماء عينة من الملائكة بأسمائهم فجعل آدم عليه السلام يطوف عليهم مشيرا بقوله أنت جبرائيل أنت ميكائيل أنت إسرافيل ... بناء على العلم الذي عنده (الأسماء الأساسية) وربط شكل الملك ومواصفاته وقدراته ثم استنتاج إسمه فقال لجبريل أنت جبرائيل (ربط جبروت الملك وقوته وهيبته مع عظم هيئته "جبر" ثم ربط هذا الجبروت بالله لأن الله خلقه ليكون جبروته وقوته له سبحانه وتعالى "ئيل "أي الله"" فيكون التركيب الناتج معناه جبروت الله أو قوة الله) ... هذا الذي فعله آدم عليه السلام أي منا  يفعله تلقائيا ... اليست هذه ميزتنا التي استحققنا بها خلافة الأرض وحمل الأمانة ... وأنت ترى معي أنها تلقائية وسهلة لكن عند أي كائن آخر هي مستحيلة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق