الأحد، 12 مايو 2019

الأمانة ومراحل الخلق

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) البروج.
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ (11) غافر.
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) الأعراف.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) المؤمنون.
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (8) السجدة.
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة.
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ (66) الحج.

قال تعالى "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا"
هناك دلائل كثيرة في كتاب الله تدل على أن الإنسان كان موجودا على هذه الأرض قبل خلق آدم عليه السلام (أنظر الآيات أعلاه) حيث عرضت عليه الأمانة (الإنسان) فحملها ثم مات ثم أعيد خلقه ليمتحن بهذه الأمانة التي حملها ثم يموت ولتنتهي بذلك الحياة الدنيا ليقوم الناس بعد ذلك لرب العالمين ... ثلاثة مراحل، مرحلة حمل الأمانة ومرحلة الإمتحان بهذه الأمانة ومرحلة الحساب على هذه الأمانة. إذن هناك حياتان وموتتان الحياة الأولى التي حمل فيها الإنسان الأمانة ثم موت، فهذه حياة وموت. ثم خلق الله تعالى آدم من طينته التي فيها بقيته (من سلالة من طين، أنظر أدناه) وذريته لتكون حياة ثانية يمتحنون بالأمانة التي حملوها من خلقهم الأول ثم يموتون وهذه حياة وموت، وهذا تفسير قوله تعالى على لسان الكفار يوم القيامة قولهم "ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنين" سورة غافر. يقول بعض المفسرين في تفسير هذه الآية أن الحياة الأولى كانت حين أخذ الله العهد على بني آدم وهم في ظهور آبائهم تفسيرا لقوله تعالى "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا" انتهى. وهذا كلام مردود عليه فالله تعالى أخذ العهد على بني آدم وهم أموات وليسوا أحياء فلم يقل أنه أحياهم ثم أخذ عليهم العهد فالحياة ليست شرطا لأخذ العهد والكلام معهم وردهم عليه سبحانه وتعالى والدليل على ذلك أن الميت حين يوضع في قبره ويتولى عنه أهله فإنه يسمع قرع نعالهم وهو ميت ويأتيه ملكان فيقعدانه ويسألانه ويرد عليهم وهو ميت لا حياة فيه  كما ورد في الحديث الشريف فالله تعالى يكلمهم بعد الموتة الأولى وهم في ظهور آبائهم والملائكة تكلمهم بعد الموتة الثانية وليس فيهم حياة فلا تعد هذه حياة كما قال هؤلاء المفسرون. "ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" كانوا أحياء فأماتهم هذه حياة وموت ثم أحياهم وأماتهم هذه حياة ثانية وموت ثان حيث أحيا فعل ماضي أي تم وانتهى وأمات فعل ماضي أي تم وانتهى، وأمات أي كان حيا فأماته ولا يقال أمات عن شيء ميت كالحجر والتراب فلا يجوز أن يقال أمات التراب لأنه ميت ولكن يجوز أن يقال أحيا التراب لأنه ميت. أحيا تكون بأحد معنيين، إما أن أحيا بمعنى بعث بعد موت فالحياة الأولى التي حمل فيها الإنسان الأمانة لا تُعد لأنهم لم يبعثوا بعد موت ولكن خلقوا عندها وتكون الحياة الأولى هي هذه التي نحياها الآن والحياة الثانية يوم البعث وهذه حياتان. وإما أن يكون معنى أحيا أي أعطاه حياة كاملة تنتهي بموت فالحياة الأولى التي حمل فيها الإنسان الأمانة تكون واحدة لأنها حياة كاملة بدأت بالخلق وانتهت بالموت والثانية هي حياتنا هذه التي نحياها فهي بدأت بخلق وتنتهي بالموت أما الحياة الآخرة فليست مكتملة فهي للتو بدأت عند قولهم لربهم "ربنا أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين" وهي لن تنتهي لأنها حياة خلود فهي لا تعد في هذه الحالة وكما ترى ففي كلا المفهومين هي حياتان. آية "ربنا أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين" يؤكدها آية سورة البقرة "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون " كنتم أمواتا بعد حياتكم الأولى التي حملتم فيها الأمانة، فأحياكم هذه الحياة التي تمتحنون فيها بالأمانة ثم يميتكم لتقوموا بعد ذلك للحساب.
خلق آدم
قال تعالى "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين" سورة المؤمنون. أما الإنسان الذي خلق من سلالة من طين فهو آدم عليه السلام وأما الإنسان الذي جعله الله تعالى نطفة في قرار مكين فهم ذريته. معنى السلالة أي ما استل من الشيء وانتزع منه قال تعالى "ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين" سورة السجدة أي أن الإنسان يخلق من سلالة من المني أي ما يستل من المني وينزع منه وهو حيوان منوي واحد كما قال الرسول عليه السلام "ما من كل الماء يكون الولد". لقد أخذ الله تعالى من الأرض كتلة طين آسنة فيها بقية آدم عليه السلام من حياته الأولى التي حمل فيها الأمانة وقد تكون عجب ذنبه عليه السلام واستل منها خلية ليبدأ بها الإنقسام والتكاثر لتصبح بشرا كما يحدث في الجنين الذي يبدأ خلقه من خلية واحدة. كانت الخلايا تتكاثر وتأخذ غذاءها من كتلة الطين الآسنة بما فيها من ماء ومواد عضوية وعناصر كما يفعل الجنين في بطن أمه فيأخذ منها الماء والمواد العضوية والعناصر وبالنسبة لآدم فالمواد العضوية التي يحتاجها لنموه هي من الأسن وهو مواد عضوية متحللة تعطي رائحة كريهة وحين اكتمل خلق آدم أصبح الطين بلا ماء حيث امتصه آدم أثناء تكوينه فأصبح الطين صلصالا أي طين يابس قال تعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون" سورة الحجر، حمأ: طين أسود منتن، مسنون: متغير منتن، صلصال: طين يابس. ومراحل طين خلق آدم هي: 1- الطين (اللين) قال تعالى "إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين" سورة ص، 2- الطين اللازب (الشديد المتماسك) قال تعالى "فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب" سورة الصافات، 3- الصلصال (اليابس) قال تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون " سورة الحجر، وهذه المراحل تتدرج بامتصاص الماء والعناصر والمواد العضوية من الطين فهو في بداية خلق آدم عليه السلام طين لين ثم في مرحلة متوسطة يكون قد امتص بعض الماء والمواد العضوية فيتماسك ثم في المرحلة النهائية يستنزف كل مائه فييبس.
تفسير الآيات
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) البروج.
الله تعالى يكرر الخلق ومثاله خلق الإنسان ثلاث مرات مرة لحمل الأمانة ومرة للإمتحان بهذه الأمانة ومرة للحساب على هذه الأمانة.
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) الأعراف.
مراحل التطور التي انتهت بخلق آدم عليه السلام: مرحلة الخلق ثم مرحلة التصوير ثم خلق آدم عليه السلام الذي سجدت له ملائكة الرحمن.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) المؤمنون.
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ (8) السجدة.
أستلت بذرة آدم من الطين وتم خلق آدم وجعل هو وذريته يتناسلون بنطفهم تستل من منيهم  في الأرحام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق