لقد كان غضب الله تعالى على قوم نوح أشد من غضبه على كل الأقوام التي أهلكها، فحين أراد إهلاكهم أهلك أهل الأرض والدواب جميعا بالطوفان وقال عنهم "وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى" أي أنهم أظلم وأطغى من جميع الأقوام المهلكة. ثم إنهم هم القوم الوحيدون الذين لما أهلكهم أحياهم وألقاهم في النار دون الأقوام الأخرى ،حتى قوم فرعون رغم طغيانهم الذين قال عنهم "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" لم يقل أنه تعالى يعذبهم في النار بعد موتهم كما قال في حق قوم نوح الذين قال في حقهم "مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا" أي أنهم ألقوا في النار بعد غرقهم فورا فهم ألقوا في النار أحياء كالشهداء مع الفارق فالشهداء حال موتهم يحيون ليدخلوا الجنة وهؤلاء يحيون ليدخلوا النار ولو لم يحيهم لما أحرقتهم النار. لم يحدث هذا لقوم فرعون مع أنهم ماتوا غرقا. فما هي الخطيئات العظيمة التي جعلت جبار السموات والأرض يهلك أهل الأرض جميعا من إنس ودواب بهذه الخطيئات ولا يمهل قوم نوح حتى تقوم الساعة بل عذبهم في النار فور موتهم. وشيء آخر يستنتج من هذه الآية وهو أنه ليس الشهداء فقط أحياء ولكن هناك قوم نوح أحياء في النار يعذبون وهناك كفار آخرون أحياء مثل عمرو بن لحي الذي جلب الأصنام لجزيرة العرب يجرجر على بطنه في النار كما قال عنه النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ليلة أسري به. قوم نوح هم أعتى الكفار فقد لبث فيهم نبي الله نوح ألف سنة إلا خمسين عاما فلم يزدهم ذلك إلا طغيانا وكفرا نعوذ بالله من الخذلان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق