الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

الإرادة

﴿فَانطَلَقا حَتّى إِذا أَتَيا أَهلَ قَريَةٍ استَطعَما أَهلَها فَأَبَوا أَن يُضَيِّفوهُما فَوَجَدا فيها جِدارًا يُريدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَو شِئتَ لَاتَّخَذتَ عَلَيهِ أَجرًا﴾ [الكهف: ٧٧]

الجماد يأخذ إرادته من إرادة من يملك أمره فالجدار أخذ إرادة الإنقضاض من رخاوة التراب، والسكين تأخذ إرادة القطع من اليد التي تمسك بها، مثل الطفل الذي يأخذ إرادته في فعل شيء من إرادة والده، والحصان الذي يأخذ إرادة السرعة من إرادة صاحبه الذي يستحثه على ذلك، فالإرادة تنتقل كما تنتقل الكهرباء في الأسلاك بغض النظر عن القدرة على إنفاذها ... وأنت حين تدعو الله تعالى تريد أن تؤثر على إرادته فيريد ما تريد فينفذه فتتحقق رغبتك ... هذا هو الدعاء، أما دعاء الأصنام فهي لن تريد ما تريد بدعائك لها لأنها لا تسمعك، وليس لديها القدرة على تنفيذه، فهي لا تملك تنفيذ ما تريد لو فرضا سمعتك، كالجدار الذي يريد أن ينقض ولكن لا يستطيع الإنقضاض "﴿إِن تَدعوهُم لا يَسمَعوا دُعاءَكُم وَلَو سَمِعوا مَا استَجابوا لَكُم وَيَومَ القِيامَةِ يَكفُرونَ بِشِركِكُم وَلا يُنَبِّئُكَ مِثلُ خَبيرٍ﴾ [فاطر: ١٤]". والآية تدل على أن الرغبة التي في الصدر التي تستحث شيئا ليحدث غير فعالة بتاتا، وإلا لذكر في الآية هذه الرغبة، ولكنه ذكر السمع فقط وهو ما يتفاعل مع النطق وليس الرغبة الصامتة في الصدر، لأن الداعي يكون صدره ممتلئ بالرغبة في التأثير على المدعو ولكن هذا لا يفيد، لأن الله تعالى نفسه أمر بالدعاء كشرط للإستجابة ولم يكتف بالرغبة الداخلية أو الحاجة الداخلية للعبد ليستجيب له، فأمر بالدعاء والتوجه إليه به، ولكن ليس السمع فقط هو الذي يؤثر بل كذلك النفخ كما كان يفعل سيدنا عيسى عليه السلام فكان ينفخ في الطين فيكون طيرا بإذن الله "﴿إِذ قالَ اللَّهُ يا عيسَى ابنَ مَريَمَ اذكُر نِعمَتي عَلَيكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذ أَيَّدتُكَ بِروحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النّاسَ فِي المَهدِ وَكَهلًا وَإِذ عَلَّمتُكَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَالتَّوراةَ وَالإِنجيلَ وَإِذ تَخلُقُ مِنَ الطّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ بِإِذني فَتَنفُخُ فيها فَتَكونُ طَيرًا بِإِذني وَتُبرِئُ الأَكمَهَ وَالأَبرَصَ بِإِذني وَإِذ تُخرِجُ المَوتى بِإِذني وَإِذ كَفَفتُ بَني إِسرائيلَ عَنكَ إِذ جِئتَهُم بِالبَيِّناتِ فَقالَ الَّذينَ كَفَروا مِنهُم إِن هذا إِلّا سِحرٌ مُبينٌ﴾ [المائدة: ١١٠]". فسبحان الله العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق