الإنسان ليس نفس بل أنفس فالعين نفس والأنف نفس والمعدة نفس وهذه الأنفس ككل يطلق عليها نفس الإنسان قال تعالى "﴿يُطافُ عَلَيهِم بِصِحافٍ مِن ذَهَبٍ وَأَكوابٍ وَفيها ما تَشتَهيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعيُنُ وَأَنتُم فيها خالِدونَ﴾ [الزخرف: ٧١]" - أنفس الناس وأعين الناس - تشتهيه الأنفس: نفس العين ونفس الأذن ونفس البطن ونفس الفرج ... وتلذ الأعين فَلَو لم تكن للعين نفس فكيف تلَذّ بذاتها، لأنه لم يقل تلذ النفس بالرؤية ولكن قال تلذ العين بذاتها فهي بذلك مدركة، فكيف تلذ وهي غير مدركة لما تراه ... حين تنظر إلى شيء، أنت تنظر إليه بنفسك، وعينك تنظر إليه بنفسها، وأنت تدرك الشيء، وهي تدركه، وقد تتصرف من دون أمرك تلقائيا، فتنظر إلى شيء آخر بنفسها لإدراكها الخاص بها دون إدراكك وقد تستغرب فتقول مالذي دفعني إلى أن أنظر إلى هذا الشيء الآخر ولكن الموضوع أن عينك هي التي أرادت النظر دون إرادتك، فهي نفس أخرى وإرادة أخرى ولها فعلها الباطن تفعله دون إرادتك وإدراكها الباطن دون إدراكك مثلها مثل العقل الباطن فلها عقلها الخاص، وكذلك كل أعضاء الجسد لها فعلها الباطن الذي تفعله دون إرادتك وإدراكها الباطن دون إدراكك مثلها مثل العقل الباطن فلها عقلها الخاص بها مثل العين ... فكما أن للجسد أعضاء كذلك للنفس أعضاء تقابل أعضاء الجسد فللعين نفس وللأذن نفس ولليد نفس، أي العين عضو ونفس والأذن عضو ونفس وهكذا، وكما أن لكل شيء في هذا الكون زمنه الخاص به حسب نظرية النسبية - فاليد اليمني لها زمنها الخاص واليد اليسرى كذلك ومكونات كل يد لها زمنها الخاص والرأس والرجل كذلك -، فيمكن القول أن لكل شيء في هذا الكون نفسه الخاصة به حتى الذرة والإلكترون وحتى النهار فنفسه مبصرة "﴿اللَّهُ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ لِتَسكُنوا فيهِ وَالنَّهارَ مُبصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذو فَضلٍ عَلَى النّاسِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرونَ﴾ [غافر: ٦١]"، فما هو النهار؟ إن جسم النهار كائنات دقيقة إسمها الفوتونات وهي أنفس صغيرة تكون نفس النهار كما تكون الذرات جسم الإنسان، النهار مبصر، إذن هو مدرك وكذلك جسمه مدرك أي أن الفوتونات مدركة وهذا لأن كل نفس مدركة، كالكائنات الدقيقة والذرات والإلكترونات والفوتونات، إذن فالنهار نفس مبصرة تبصر فترى ما تتغلغل فيه ويساعد العين لتبصر هي الأخرى، فالعين تستعين بنفس النهار لتبصر، أما ما هو الإبصار فقد قال فيه تعالى "﴿لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وَهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ قَد جاءَكُم بَصائِرُ مِن رَبِّكُم فَمَن أَبصَرَ فَلِنَفسِهِ وَمَن عَمِيَ فَعَلَيها وَما أَنا عَلَيكُم بِحَفيظٍ﴾ [الأنعام: ١٠٣-١٠٤]"، فالإبصار أخذ الشاهد على حدث أو شيء معين بالعين بجلاء، والبصائر شواهد على حدث أو شيء معين، والبصيرة أخذ الشاهد على حدث أو شيء معين بالفكر الثاقب بدون عين ... هذه الآيات تثبت أن كل شيء في هذا الكون مدرك حتى الفوتون فهو يتكون من عشرة أوتار مهتزة هذه الأوتار تهتز كل على شاكلته فربما كانت هذه الأوتار وتر للخوف ووتر للحب ووتر للغضب ووتر للحزن ... إلخ، ففي تجربة الشق المزدوج تسير أمورها سلسة كالمعتاد فتظهر الفوتونات حتى لو أطلقوها فوتون فوتون على شاشة العرض على شكل موجة ولكن حين يضعون لها جهاز مراقبة - وهي تطلق فوتون فوتون - تنضبط وتظهر على شاشة العرض كعمودين، أمام كل شق عمود أي أن الفوتونات قد انضبطت، وهذا غير منطقي بتاتا حين نعتقد أن الفوتونات صماء بكماء عمياء تخضع للقوانين الفيزيائية البحتة، ولكن الحقيقة أنها أنفس لها إرادة كما لي ولَك، وأنا أزعم أن لكل شيء في هذا الكون له إرادة حتى الجمادات والفوتونات "﴿فَانطَلَقا حَتّى إِذا أَتَيا أَهلَ قَريَةٍ استَطعَما أَهلَها فَأَبَوا أَن يُضَيِّفوهُما فَوَجَدا فيها جِدارًا يُريدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَو شِئتَ لَاتَّخَذتَ عَلَيهِ أَجرًا﴾ [الكهف: ٧٧]". هذه الأنفس كما للإنسان نفس تموت، فهي تموت ... وهذا يعني أن الكون يفنى من داخله وقد ينفجر مستقبلا ولكن بعد بعض الوقت سيفنى بنفسه بفناء ذراته والكتروناته وفوتوناته، فأنا أعتقد بإمكانية فناء المادة ليس كما يزعم العلم: المادة لا تفنى ولا تستحدث ولا تخلق من عدم، وقد خلق الله تعالى الكون من عدم واستحدث المادة، فلم لا تفنى؟ ... قال تعالى "﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ﴾ [الأنبياء: ٣٥]"، فسبحان الله العظيم.
الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019
إجبار النفس على الطاعة
قد تجبر نفسك على الطاعة، فيفتح الله عليك فتوحا لم يفتحها عليك في حال رضاك بالطاعة فتحمد الله عليها، والحمد لله رب العالمين.
وَقُلِ الحَمدُ لِلَّهِ
﴿وَقُلِ الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي لَم يَتَّخِذ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَهُ شَريكٌ فِي المُلكِ وَلَم يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرهُ تَكبيرًا﴾ [الإسراء: ١١١]
صاحب المحامد والمكارم، ومن محامده أنه لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل، فهو أكبر من ذلك كثيرا.
إعرض نفسك على هذه الآية
﴿قالَ لَم أَكُن لِأَسجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقتَهُ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنونٍ﴾ [الحجر: ٣٣]
إعرض نفسك على هذه الآية، هل يذهب بك العناد إلى حد ارتكاب المعاصي أو الكبائر.
مسوخ بشرية
﴿وَلَو شِئنا لَرَفَعناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخلَدَ إِلَى الأَرضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ إِن تَحمِل عَلَيهِ يَلهَث أَو تَترُكهُ يَلهَث ذلِكَ مَثَلُ القَومِ الَّذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا فَاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرونَ﴾ [الأعراف: ١٧٦]
﴿وَلَقَد ذَرَأنا لِجَهَنَّمَ كَثيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلوبٌ لا يَفقَهونَ بِها وَلَهُم أَعيُنٌ لا يُبصِرونَ بِها وَلَهُم آذانٌ لا يَسمَعونَ بِها أُولئِكَ كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الغافِلونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩]
مثل الكلب ومثل الأنعام مسوخ بشرية، تراهم بشر فتحسبهم كذلك ولكنهم مسوخ، نعوذ بالله تعالى من الخذلان.
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها
﴿وَالَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها أُولئِكَ أَصحابُ الجَنَّةِ هُم فيها خالِدونَ﴾ [الأعراف: ٤٢]
﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها لَها ما كَسَبَت وَعَلَيها مَا اكتَسَبَت رَبَّنا لا تُؤاخِذنا إِن نَسينا أَو أَخطَأنا رَبَّنا وَلا تَحمِل عَلَينا إِصرًا كَما حَمَلتَهُ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعفُ عَنّا وَاغفِر لَنا وَارحَمنا أَنتَ مَولانا فَانصُرنا عَلَى القَومِ الكافِرينَ﴾ [البقرة: ٢٨٦]
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فما بعد الوسع فلا إثم عليك فيه، فهو خارج عن قدرتك، فلا بأس عليك في كل ما تفعل حتى لو جزعت أو تسخطت على الله أو لطمت الخدود، فالخارج عن قدرتك إصر ولا طاقة لك به، ولكن إذا عدت لرشدك فاستغفر الله واتل آية البقرة أعلاه بحضور قلب، وقد قال عليه السلام "لا طلاقَ ولا عتاقَ في إغلاقٍ. الراوي : عائشة أم المؤمنين. المحدث : السيوطي. المصدر : الجامع الصغير. الصفحة أو الرقم: 9886. خلاصة حكم المحدث : صحيح." ففي الإغلاق لا يؤاخذ المؤمن بشيء، والله تعالى أعلم.
أَستَجِب لَكُم
﴿وَقالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذينَ يَستَكبِرونَ عَن عِبادَتي سَيَدخُلونَ جَهَنَّمَ داخِرينَ﴾ [غافر: ٦٠]
﴿لَيسَ بِأَمانِيِّكُم وَلا أَمانِيِّ أَهلِ الكِتابِ مَن يَعمَل سوءًا يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصيرًا﴾ [النساء: ١٢٣]
أستجب لكم أي استجلب الإجابة لكم، فهي ليست فورية بل ستأخذ الكثير من الوقت حتى يهيئ الله تعالى الظروف المناسبة للإجابة، هذا في حالة الدعاء، أما في حالة من يعمل سوءا فالعقاب سريع، لأنه أتبع عمل السوء بقوله يجز به، فتحس بسرعة الجزاء فلم يقل يستجز به أو حتى سيجزى به بل قال يجز به، وهذا مُلاحظ، لكن لماذا إجابة الدعاء بطيئة وعقاب عمل السوء سريع؟ مبدأ الثواب والعقاب مبدأ كوني يسير عليه كل خلق الله تعالى، مثلا الدول، فلا بد من معاقبة المسيء ومكافأة المحسن لتستقيم أمور الناس، وهذا المبدأ يعمل به الله تعالى مع عباده لتستقيم أمورهم فلا يسدرون في غيهم وضلالهم، وليس انتقام رباني لنفسه سبحانه، ولكن ليصلح أمر الخلق، والعقاب لا يؤجل فمتى تمكن الحاكم من الظالم أخذه بظلمه، ولكن من يدرك خطأه ويستغفر الله تعالى يخفف الله تعالى عنه العقوبة وقد يرفعها عنه "﴿وَمَن يَعمَل سوءًا أَو يَظلِم نَفسَهُ ثُمَّ يَستَغفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفورًا رَحيمًا﴾ [النساء: ١١٠]". أما إجابة الدعاء فقد يحتاج الأمر إلى تبديل حال الناس بوجه عام ليجاب طلبك وهذا قد يأخذ الكثير من الوقت فإجابة طلبك قد لا تكون حاضرة فتحتاج الإنتظار ... وبالمقابل من يعمل خيرا يجز به لذلك قال عليه السلام "داوُوا مرضاكم بالصدقةِ. الراوي : الحسن البصري. المحدث : الألباني. المصدر : صحيح الترغيب. الصفحة أو الرقم: 744. خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره." وقال تعالى "﴿مَن عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَساءَ فَعَلَيها وَما رَبُّكَ بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ﴾ [فصلت: ٤٦]" وهذا هو العدل. فسبحان الله العظيم.
وَتَفَقَّدَ الطَّيرَ
﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَولِها وَقالَ رَبِّ أَوزِعني أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَن أَعمَلَ صالِحًا تَرضاهُ وَأَدخِلني بِرَحمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحينَ وَتَفَقَّدَ الطَّيرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الهُدهُدَ أَم كانَ مِنَ الغائِبينَ﴾ [النمل: ١٩-٢٠]
وأنت، تَفَقَّد الذاهبين بعيدا عن الله الغائبين عن حضرته بهذا الدعاء الكريم يدعون به لأنفسهم لعظمة منفعته لهم "رَبِّ أَوزِعني أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَن أَعمَلَ صالِحًا تَرضاهُ وَأَدخِلني بِرَحمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحينَ".
الله هو الذي يبتلي ويعذب
﴿أَينَما تَكونوا يُدرِككُمُ المَوتُ وَلَو كُنتُم في بُروجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبهُم حَسَنَةٌ يَقولوا هذِهِ مِن عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبهُم سَيِّئَةٌ يَقولوا هذِهِ مِن عِندِكَ قُل كُلٌّ مِن عِندِ اللَّهِ فَمالِ هؤُلاءِ القَومِ لا يَكادونَ يَفقَهونَ حَديثًا ما أَصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفسِكَ وَأَرسَلناكَ لِلنّاسِ رَسولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهيدًا﴾ [النساء: ٧٨-٧٩]
الله هو الذي يبتلي ويعذب وكل شيء فعله هو، فإن ابتلاك أحد فالله سلطه عليك، وإن مرضت فمن الله، وإن أصابك أذى فمن الله، لكن كل ذلك بذنوبك، وقد تظن أن الإبتلاء بدون ذنب، وهذا خطأ فكل ابتلاء بذنب، علمته أو جهلته، فأنت في بيئتك لا تفعل شيء إلا بإرادتك، وإن كلفت أحدا بشيء فيكون بإرادتك، والله تعالى في كونه يفعل كل شيء بإرادته، ولا يحدث شيء إلا هو يريده، فكل ما يصيبك إعلم أن الله تعالى أراده لك بذنب فعلته أو بإحسان فعلته. وربما تأخُر استجابة الدعاء وضيقك بذلك يكون بسبب ذنوبك، لأن الأنبياء كان يستجاب لهم فورا بسبب انعدام ذنوبهم.
كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ
﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ ثُمَّ إِلَينا تُرجَعونَ﴾ [العنكبوت: ٥٧]
آية سريعة لا تَوقُف عندها كأنها لحظة عابرة.
وَاللَّهُ يَعلَمُ مُتَقَلَّبَكُم وَمَثواكُم
﴿فَاعلَم أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاستَغفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ وَاللَّهُ يَعلَمُ مُتَقَلَّبَكُم وَمَثواكُم﴾ [محمد: ١٩]
فاعلم أنه لا يوجد صغيرة ولا كبيرة في هذا الكون إلا وتمر عليه سبحانه فيقضي فيها بأمره، فأحسن علاقتك به فكل أمرك بين يديه، ولا شاردة ولا واردة من أمرك إلا وتمر عليه سبحانه، فما شاء أمضى وما شاء منع.
ماذا رأى؟
﴿وَجاوَزنا بِبَني إِسرائيلَ البَحرَ فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ وَجُنودُهُ بَغيًا وَعَدوًا حَتّى إِذا أَدرَكَهُ الغَرَقُ قالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ وَأَنا مِنَ المُسلِمينَ﴾ [يونس: ٩٠]
ماذا رأى حتى جعله يتنازل عن كبره وكبريائه وتعاظمه وهو في أوج جبروته يطارد أعداءه الذين بعد لحظات سيدركهم ويبيدهم؟ ماذا رأى؟ لا بد أنه رأى أشياء مرعبة وعظيمة أذهلته عن كل شيء حتى عن نفسه، أدرك ما أدركه سحرته الذي رأوا ما يفوق تصور العقل البشري فأذهلهم ما رأوا عن أنفسهم فآمنوا إيماناً صادقا فورا، وهو الآن يرى ما يفوق تصور العقل البشري فأذهله ما رأى عن نفسه فآمن إيماناً صادقا فورا، لكن سحرته نفعهم إيمانهم، أما هو فلا، فسبحان الله العظيم.
غفور رحيم حتى بالكفار؟
﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضلَلنَ كَثيرًا مِنَ النّاسِ فَمَن تَبِعَني فَإِنَّهُ مِنّي وَمَن عَصاني فَإِنَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦]
غفور رحيم حتى بالكفار الذين يعصون ابراهيم عليه السلام في عبادة الأصنام؟ كيف؟ أي يدبر الله أمر هدايتهم لاحقا ليس على يد إبراهيم ولكن ييسر لهم أمر الهداية من عنده هو سبحانه.
المكسب
إعلم أن الذنوب تُكفَّر من كيسك بأنواع المصائب المختلفة فبعض الذنوب تكفر بخسارة المال وبعضها يكفر بالمرض وبعضها يكفر بالإبتلاء في الذرية وبعضها يكفر بالهم أو المشاعر السلبية وبعضها يكفر بالفقد كفقدان السمع أو البصر، فلا تتسخط على الله عند خسارة ما تحب، فهو كفارة لذنوب أذنبتها، تأتي يوم القيامة تحمد الله أن كَفَّرت ذنوبك وأَذهَبت سيئاتك وأضافت إلى حسناتك فهذا مكسب وليس خسارة، والمؤمن البصير يعرف أن هذه الخسارة كانت بسبب ذلك الذنب فيصبر ويحتسب لأنه يعلم أن الخسارة في الدنيا مكسب في الآخرة، والحمد لله رب العالمين.
جاءَهُم نَصرُنا
﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾ [يوسف: ١١٠]
يحب الله تعالى أن يصل اليأس بالعبد منتهاه ويفقد الأمل ليحس بقيمة ما يطلبه من الله تعالى وينبهر بكرم الله تعالى ويحمده من أعماق قلبه فالله تعالى يستحق ذلك من العبد أليس هو الله الأحد ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ذي الجلال والإكرام، وإلا فإن إعطاء الغالي رخيصا يُرخِصُه، والحمد لله رب العالمين.
كلام عاطفي
﴿فَقالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ ما هذا إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم يُريدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيكُم وَلَو شاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعنا بِهذا في آبائِنَا الأَوَّلينَ﴾ [المؤمنون: ٢٤]
كلام عاطفي لا يسمن ولا يغني من جوع فهؤلاء عِلْيَةُ القوم لم يناقشوا ولم يريدوا أن يناقشو سيدنا نوح عليه السلام بقرع الحجة بالحجة ولكن قالوا هذا الكلام العاطفي لجذب التأييد من بسطاء قومهم، وهذا هو أسلوب من ليس لديه منطق في النقاش وهو عاجز ولكن لديه أغراض أخرى بعيدة عن الموضوع كالجاه والسلطان.
هل الهدي وإطعام المساكين والصيام وبال؟
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقتُلُوا الصَّيدَ وَأَنتُم حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُتَعَمِّدًا فَجَزاءٌ مِثلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحكُمُ بِهِ ذَوا عَدلٍ مِنكُم هَديًا بالِغَ الكَعبَةِ أَو كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكينَ أَو عَدلُ ذلِكَ صِيامًا لِيَذوقَ وَبالَ أَمرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمّا سَلَفَ وَمَن عادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنهُ وَاللَّهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ﴾ [المائدة: ٩٥]
هل طاعة الله كالهدي وإطعام المساكين والصيام يمكن أن تكون عقوبة؟ هل الهدي وإطعام المساكين والصيام وبال؟ نعم لأنها تعب وبهدلة (هديا بالغ الكعبة)، وإطعام المساكين خسارة للمال (طعام مساكين)، والصيام إنهاك للبدن وجوع (صياما)، فسبحان الله العظيم.
أمراض القلوب
أمراض القلوب كأمراض الأبدان فهل رأيت مرضا يزول بلا علاج، ودواء يؤخذ فيصيب المرض فيقضي عليه، وكذلك محاولة الأطباء في علاج المرض لا يقضي على المرض عند أول طبيب بل على المريض أن يجرب أكثر من طبيب وأكثر من دواء حتى يأذن الله تعالى بشفاء المرض. وأمراض الأجساد قد تصيب أي إنسان لا تفرق بين من كان غذاؤه جيدا ومن كان غذاؤه غير جيد ولا تفرق بين قوي الجسم وضعيفه، فقد يصيب المرض أي إنسان، كذلك أمراض القلوب قد تصيب الجاهل وتصيب العالم وقد تصيب الغير متدين وتصيب المتدين فهو بلاء إذا نزل لا بد من علاجه كأي مرض وإلا استفحل وقتل صاحبه والعياذ بالله.
مشاعر الزوجة غالية
﴿تُرجي مَن تَشاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشاءُ وَمَنِ ابتَغَيتَ مِمَّن عَزَلتَ فَلا جُناحَ عَلَيكَ ذلِكَ أَدنى أَن تَقَرَّ أَعيُنُهُنَّ وَلا يَحزَنَّ وَيَرضَينَ بِما آتَيتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعلَمُ ما في قُلوبِكُم وَكانَ اللَّهُ عَليمًا حَليمًا﴾ [الأحزاب: ٥١]
تقر أعينهن، ولا يحزن، ويرضين ...
هذا ما يجب على الرجل الصالح في حق زوجته، فعليه توفير هذه الثلاث لها: أن يقر عينها فلا يرهبها ولا يقلقها ولا يخوفها بزوجة جديدة أو يهددها بالطلاق فلا تقر عينها. كذلك يبعد عنها جميع أسباب الحزن فالحزن يقتل المرأة. ويرضيها بمعاملتها معاملة حسنة فيهديها ويحذيها ويكرمها ... هذا ما يفعله الرجل الصالح مع زوجته. فسبحان الله العظيم.
العلم اللدني الرباني
أنظر إلى صاحب العلم اللدني الرباني الذي تعامل مع موسى كما يتعامل رب العباد صاحب العلم المطلق مع عباده فهو بداية أخبره أنه لن يستطيع معه صبرا فأفعاله ستكون غير مألوفة وكذلك الله تعالى. كذلك أمره أن لا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكرا وكذلك الله تعالى "﴿لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣]". كذلك كان كلما اعترض عليه موسى ذكره بأنه أخبره أنه لن يستطيع معه صبرا كذلك الله تعالى مع عباده يذكرهم في كتابه دائما بالصبر، كذلك أفعاله قد تكون غريبة ومؤلمة في ظاهرها كذلك أفعال الله تعالى مع عباده، كذلك في النهاية نلاحظ أنها كلها كانت أفعالا خيِّرة كذلك الله تعالى أفعاله كلها خيِّرة.، كذلك عند نهاية المطاف اكتشف موسى بعد أن أخبره العبد الصالح أن أفعاله كانت لصالح الضعفاء بعد حين وهذا ما يفعله الله تعالى للضعفاء، فالعبد الضعيف لا بد أن ينصره الله تعالى خاصة المؤمنين وهذا لا يخطئ بعض الضعفاء الظالمين فالمساكين الذين كانوا يعملون في البحر لم يحدد سبحانه هل كانوا من المؤمنين أو غير ذلك، وإنما حدد ذلك لوالدي الغلام الذي قتله ولأبو الغلامين اليتيمين أصحاب الكنز، مع أنه لم يحدد صلاح اليتيمين فالدين سبب الخير والمستفيد من من هم من أصحاب الدين ليس مهم دينه كالغلامين اليتيمين فلم يُعلم تدينهما ولكن عُلم تدين أبوهما. والآيات تعلمنا أن نصبر ففرج الله تعالى آت لا محالة ولو بعد حين، والخير كله بيد الله تعالى وفعله لمصلحة العبد دائما ليس لضرره فهذا هو الله الكريم العليم، فالصبر الصبر. هذا الذي لديه نفحة من العلم المطلق أخذها من الذي لديه العلم المطلق سبحانه ليعلمنا سبحانه كيف أنه يتعامل مع عباده دائما لمصلحتهم حتى وإن جهلوا هم ذلك، خاصة حال ضعفهم، ويجعل الخسران لمن يريد الضرر بهم، فهذا الملك خسر السفينة، والغلام الذي سيكون ظالما خسر حياته، وأهل القرية أضلهم الله تعالى عن كنز اليتيمين، فالله تعالى خير كله. فسبحان الله العظيم.
أنواع العطاء
﴿وَأَمّا مَن أوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقولُ يا لَيتَني لَم أوتَ كِتابِيَه وَلَم أَدرِ ما حِسابِيَه يا لَيتَها كانَتِ القاضِيَةَ ما أَغنى عَنّي مالِيَه هَلَكَ عَنّي سُلطانِيَه خُذوهُ فَغُلّوهُ ثُمَّ الجَحيمَ صَلّوهُ ثُمَّ في سِلسِلَةٍ ذَرعُها سَبعونَ ذِراعًا فَاسلُكوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤمِنُ بِاللَّهِ العَظيمِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ المِسكينِ﴾ [الحاقة: ٢٥-٣٤]
يعقِد الله تعالى على قلب العبد عُقَدا لا تنتهي طيلة حياته من أنواع العطاء في الدنيا كالمال والبنين والسلطان، فلا ينتبه إلا وهو أمام الله تعالى، فيرى بعينه ما عُقِد على قلبه، فإن عَمِل في هذه العقد خيرا نجا وإلا صار حاله كالمذكور في الآيات أعلاه، فسبحان الله العظيم.
كل الناس ظالمون
﴿وَلَو يُؤاخِذُ اللَّهُ النّاسَ بِظُلمِهِم ما تَرَكَ عَلَيها مِن دابَّةٍ وَلكِن يُؤَخِّرُهُم إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُم لا يَستَأخِرونَ ساعَةً وَلا يَستَقدِمونَ﴾ [النحل: ٦١]
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه وحَلَّقَ بإصْبَعِهِ الإبْهَامِ والَّتي تَلِيهَا، قالَتْ زَيْنَبُ بنْتُ جَحْشٍ فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وفينَا الصَّالِحُونَ؟ قالَ: نَعَمْ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ.
الراوي : زينب بنت جحش أم المؤمنين.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3346.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
كل الناس ظالمون بشكل أو بآخر دون استثناء، حتى الصالحون فيهم ظلم، هم كذلك بسبب جِبِلَّتِهم وما خلقوا عليه، فَلَو يؤاخذهم الله تعالى على ظلمهم لأهلكهم جميعا وأهلك أهل الأرض معهم بشؤمهم.
تخويف الشيطان
﴿الَّذينَ استَجابوا لِلَّهِ وَالرَّسولِ مِن بَعدِ ما أَصابَهُمُ القَرحُ لِلَّذينَ أَحسَنوا مِنهُم وَاتَّقَوا أَجرٌ عَظيمٌ الَّذينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَد جَمَعوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزادَهُم إيمانًا وَقالوا حَسبُنَا اللَّهُ وَنِعمَ الوَكيلُ فَانقَلَبوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ لَم يَمسَسهُم سوءٌ وَاتَّبَعوا رِضوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذو فَضلٍ عَظيمٍ إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيطانُ يُخَوِّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾ [آل عمران: ١٧٢-١٧٥]
خوف أصله من تخويف الشيطان بالناس والفقر والمرض والشقاء، وخوف أصله من تخويف الله تعالى ... العبد بين هذين الخوفين اللذين لا ثالث لهما، فلا يوجد شيء إسمه الخوف من الناس بل الخوف الناتج عن تخويف الشيطان بالناس، ولا يوجد شيء إسمه الخوف من الفقر بل الخوف الناتج عن تخويف الشيطان بالفقر، وهكذا المرض، وهكذا كل خوف إلا الخوف من الله تعالى، فكله من الشيطان ... معنى هذا الكلام أن أي خوف غير الخوف من الله تعالى هو من تزيين وتوهيم الشيطان يمكن طرده من النفس بالتعوذ من الشيطان، وقول حسبنا الله ونعم الوكيل لدفع البلاء المتخوف منه. والحمد لله رب العالمين.
العذاب يبحث عن الكفر
﴿قُل أَرَأَيتُم إِن أَهلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَعِيَ أَو رَحِمَنا فَمَن يُجيرُ الكافِرينَ مِن عَذابٍ أَليمٍ﴾ [الملك: ٢٨]
العذاب يبحث عن الكفر في قلب المرء ليصيبه فإن وجده عذب صاحبه حتى يذهب الكفر، وإلا فلا عذاب بدون كفر فالمؤمن الصادق لا يُعذَب وهو لا يعمل إلا الصالحات "﴿ما يَفعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم وَكانَ اللَّهُ شاكِرًا عَليمًا﴾ [النساء: ١٤٧]"، والمعاصي من الكفر، فالعاصي حين يعصي الله يكفر بأوامره ونواهيه بسبب الشهوة "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"، فسبحان الله العظيم.
لا تَقرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُم سُكارى
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُم سُكارى حَتّى تَعلَموا ما تَقولونَ وَلا جُنُبًا إِلّا عابِري سَبيلٍ حَتّى تَغتَسِلوا وَإِن كُنتُم مَرضى أَو عَلى سَفَرٍ أَو جاءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الغائِطِ أَو لامَستُمُ النِّساءَ فَلَم تَجِدوا ماءً فَتَيَمَّموا صَعيدًا طَيِّبًا فَامسَحوا بِوُجوهِكُم وَأَيديكُم إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفورًا﴾ [النساء: ٤٣]
لا تقربوا الصلاة وأنام سكارى ينسحب على كل سكران سكر خمر أو سكر مرض.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)